الحقيقة هو الطريق المعتبر إلى الواقع بعنوان جزء الموضوع ، كما إذا قال : إذا قطعت بخمرية مائع فاجتنب عنه وكان أحد جزئي الموضوع هو الخمر والجزء الآخر هو القطع بما أنه طريق معتبر لا بما أنه كاشف تام ؛ فحينئذ قد أدعي أن أدلة اعتبارات الأمارات تفي بإثبات كونها قائمة مقام القطع ، فإذا قامت الأمارة على الخمرية مثلا ثبت أحد جزئي الموضوع أعني الخمرية بالتعبد والجزء الآخر أعني الطريق المعتبر وهو الأمارة بالوجدان. وناقش فيه في المتن بأن ذلك يستلزم الدور فإن اعتبار الأمارة يتوقف على كون مؤدّاها ذا أثر وكونه ذا أثر يتوقف على اعتبار الأمارة لدخالته في الموضوع أيضا فيدور.»
أقول : والعجب من الأستاذ ـ مد ظلّه ـ تسليمه لهذا الدور مع بداهة بطلانه فإن اعتبار الأمارة لا يتوقف على كون المؤدّى ذا أثر فعلي بل يكفي في ذلك انتهائه بالأخرة إلى أثر شرعي ، لكفاية ذلك في دفع محذور اللغوية ، بل لنا إجراء ذلك في تمام الموضوع أيضا إذ الموضوع إذا كان عبارة عن معلوم الخمرية مثلا وإن خالف الواقع فالخمر وإن لم يكن جزء للموضوع ولكنه قيد له فاعتبار الأمارة لإثبات القيد.
بل لقائل أن يقول : كون نفس قيام الإمارة ذا أثر شرعي يكفي في دفع محذور اللغوية في الجعل من دون احتياج إلى كون المتعلق أيضا ذا أثر شرعي ، على إشكال في الأخيرين. وجواب الدور ، هو أن كون المؤدّى ذا أثر ، لا يتوقف على ثبوت الجزء الآخر ، بل ترتب الأثر خارجا يتوقف على ثبوته فلا دور ، فافهم.» (١)
الفائدة الثالثة :
التجري
«ذكر في المتن أمران : ١ ـ إن مقطوع الحرمة بما هو مقطوع الحرمة في صورة مصادفة القطع مع الواقع هل يمكن أن يكون حراما شرعيا أم لا؟
__________________
(١) نهاية الأصول ، ص ٤٠٧.