الفائدة الرابعة :
هل تجري الاصول في أطراف العلم الإجمالي؟
«المبحث : بيع المختلط من الميتة والمذكى وأنه هل يجوز بيع أحدهما بقصد بيع المذكّى؟ وهل يجري في كل واحد منهما أصالة الحلّ والطهارة ، أو أصالة عدم التذكية؟ ويبحث عن جريان الأصول العملية في اطراف العلم الإجمالي إذا استلزم المخالفة العملية له وعدمه مطلقا أو بنحو التخيير ، وهل في ذلك فرق بين الأصول التنزيلية وغير التنزيلية؟ وهل فرق بين العلم الإجمالي بالتكليف الفعلي وبين العلم بالحجّة الإجمالية؟ وعن نكات اخرى اصولية.» (١)
توضيح ذلك أن الاصل الجاري في المشتبهين قد يكون أصالة الحلّ كما إذا كان هنا إناءان طاهران مثلا ثم علم بتنجّس احدهما لا بعينه ، وقد يكون الأصل الجاري فيهما الحرمة ، كما إذا كانا نجسين ثم علم بطهارة أحدهما لا بعينه.
ففي الأوّل لم يجز الأخذ باستصحاب الطهارة والحلّيّة في كليهما ، لاستلزامه المخالفة العملية للعلم الإجمالي ، ولكن يمكن القول بجواز الأخذ باحدهما تخييرا ويترك الآخر للحرام المعلوم في البين ، نظير التخيير في الخبرين المتعارضين على القول به.
وأمّا في الثاني فبمقتضى استصحاب الحرمة والنجاسة الجاري في كلّ منهما يحكم بنجاسة كلّ منهما ويجب الاجتناب عن كليهما. ويترتب على ذلك وجوب الاجتناب عن ملاقي كلّ منهما أيضا ولا يلزم من ذلك مخالفة عملية للعلم الإجمالي. والمختلط من الميتة والمذكى يكون من قبيل القسم الثاني ، إذ مقتضى استصحاب عدم التذكية الجاري في كلّ منهما نجاسته وحرمته ، فيجب الاجتناب عن كليهما شرعا. ومعه لا مجال لأصالة الحلّ والطهارة ، إذ أصالة عدم التذكية أصل موضوعي حاكم عليها ومتقدم عليها تقدم الأصل السببي على المسببي.
أقول : ينبغي هنا التعرّض لأمور وإن كان محلّ تفصيلها كتب الأصول :
__________________
(١) المكاسب المحرمة ، ج ١ ، ص ٣٧٧.