الفائدة الخامسة :
الإشكال في إجراء أصالة عدم التذكية في المسألة
الأوّل : في مصباح الفقاهة ناقش في إجراء أصالة عدم التذكية هنا. ومحصّلها :
«أن هذا الأصل لا يثبت الميتة التي هي أمر وجودي إلّا على القول بالأصول المثبتة.
لا يقال : إنّ الميتة عبارة عما لم تلحقه الذكاة كما في القاموس.
فإنّه يقال : لا نسلّم اتحادهما ، إذ الميتة في اللغة والشرع إمّا عبارة عمّا مات حتف أنفه ، أو عبارة عما فارقته الروح بغير ذكاة شرعية وعلى هيئة غير مشروعة إمّا في الفاعل أو في القابل فلا يثبت شيء منهما بأصالة عدم التذكية. وأمّا ما في القاموس فلم تثبت صحّته ، وكذلك ما عن أبي عمرو من أنّها ما لم تدرك تذكيته.» (١)
أقول : يمكن أن يجاب عن هذه المناقشة بأنّ حلّيّة الأكل لمّا كانت معلّقة على التذكية الشرعية كما هو المستفاد من الكتاب والسنة فلا محالة يكون ما لم يذك محكوما بالحرمة وإن لم يصدق عليه عنوان الميتة
وإن شئت قلت : بأن الحرمة وإن علّقت في لسان الدليل على عنوان الميتة ، لكن لا إشكال في أنّ حلّيّة الحيوان تتوقّف على التذكية الشرعية ، فإذا فرض إحراز عدمها ولو بالاستصحاب حكم بانتفاء الحلّيّة قهرا انتفاء الحكم بانتفاء موضوعه وإن لم نحكم عليه ـ على هذا المبنى ـ بالأحكام الوجودية كالحرمة والنجاسة. هذا.
وقد يقال : إنّ المترتب على عدم التذكية هو حرمة الأكل أو عدم حلّيته ، وأمّا النجاسة فهي ثابتة لعنوان الميتة ، إذ لا ملازمة بين الحكمين ، ومحلّ الكلام في المقام هي النجاسة لا حرمة الأكل ، فتدبّر.
وهاهنا شبهة تختلج بالبال ، وهي أنّه لا دليل على كون عدم التذكية بإطلاقه موضوعا
__________________
(١) مصباح الفقاهة ، ج ١ ، ص ٧٣.