أمكن ، وإذا كان عدم القدرة تكوينا على الجمع بين واجدي المصلحة موجبا للحكم بالتخيير بينهما فليكن عدم القدرة على ذلك تشريعا أيضا موجبا لذلك. وقد قالوا : الممنوع شرعا كالممتنع عقلا. والعجب أنّ الشيخ ـ قدسسره ـ كان ملتفتا إلى هذا المعنى كما يظهر مما ذكره قبل العبارة السابقة وبعدها فراجع ، فلم ذكر هنا هذا الإشكال؟!
الفائدة السّابعة :
هل فرق بين الاصول التنزيلية وغيرها؟
الأمر الثالث : قد فصّل المحقق النائيني ـ على ما في أوائل الجزء الرابع من فوائد الأصول ـ بين الأصول التنزيلية وغير التنزيلية وقال ما محصّله :
«أنّ المجعول في الأصول التنزيلية ـ ومنها الاستصحاب ـ إنّما هو البناء العملي والأخذ بأحد طرفي الشك على أنه هو الواقع. وأمّا في الأصول غير التنزيلية كأصالة الطهارة والحلّيّة ونحوهما فالمجعول فيها مجرد تطبيق العمل على أحد طرفي الشكّ من دون تنزيل المؤدى منزلة الواقع المشكوك فيه. فالقسم الأوّل يمكن جعلها في الشبهات البدوية وفي بعض أطراف العلم الإجمالي. وأمّا بالنسبة إلى جميع الأطراف فلا يمكن مثل هذا الجعل للعلم بانتقاض الحالة السابقة في بعض الأطراف فكيف يمكن الحكم ببقاء الإحراز السابق في جميع الأطراف ولو تعبدا.
ولا فرق في ذلك بين أن يلزم من إجرائهما مخالفة عملية أم لا. وأمّا في القسم الثاني فيمكن جعلها في الطرفين أيضا إلّا أن يلزم من إجرائهما مخالفة عملية.» (١)
أقول : الظاهر عدم الفرق بين التنزيلية وغيرها ، فيمكن جعلها في جميع الأطراف في التنزيلية أيضا إلّا أن يلزم مخالفة عملية. فعلى فرض كون الاستصحاب من التنزيلية كما فرضه يجوز في المقام جعل استصحاب عدم التذكية في الطرفين ، حيث لا يلزم من التعبد بهما وإجرائهما مخالفة عملية بل هما يؤكّدان العلم الإجمالي بالنجاسة.
والسرّ في ذلك أنّ كلّ أصل يلحظ بنفسه ومفاده ويكون مجعولا مستقلا في قبال
__________________
(١) فوائد الأصول ، ج ٤ ، ص ١٤ الى ١٧. في الشكّ في المكلّف به في الشبهة الموضوعية التحريمية.