والمصحّح لتفويت الواقع ورفع اليد عنه ثبوتا ملاحظة مصلحة أقوى وأهمّ منه أعني تسهيل الأمر على المكلفين على ما هو مقتضى الشريعة السمحة السهلة.
لا ثمرة مهمة في الفرق بين العلم الإجمالي بالتكليف او بالحجّة الإجمالية
الثالثة : أنّ التفصيل الذي شيّد أركانه الاستاذان العلمان ـ طاب ثراهما ـ مع كثرة اهتمامهما به لا يترتب عليه ثمرة مهمّة ، إذ العلم الوجداني بالتكليف الواقعي الفعلي والإرادة الحتمية للشارع بحيث لا يرضى بتركه كيفما كان قلّما يتفق للفقيه. حيث إنّ فقهنا ليس على أساس الإلهام والمكاشفة ، وإنما الذي يزاوله الفقيه في أبواب الفقه ليس إلّا ظواهر الحجج الشرعية وإطلاقاتها. وليس العلم بالحجة الشرعية مستلزما للعلم الوجداني بالتكليف الفعلي الحتمي من المولى كما مرّ. ولكنها مع ذلك يجب الأخذ بها أيضا تفصيلية كانت أو إجمالية كالعلم بنفسه ، إذ معنى حجيتها اعتماد الشارع عليها في تحصيل أغراضه ومقاصده الواقعية وجواز احتجاجه بها على العبيد.
وظاهر الحجج أيضا كون مفادها أحكاما فعليه لا يجوز للعبد التخلف عنها بعد وصولها إليه. إذ تشريع الأحكام يكون على نحو القضايا الحقيقية ولم يؤخذ العلم في موضوعاتها. وفعلية الحكم تابعة لفعلية موضوعه ، فهي من هذه الجهة تكون مطلقة.
وكما يحكم العقل في العلم الإجمالي بالتكليف الفعلي الحتمي بحرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة كذلك من باب وجوب الإطاعة ولزوم المقدمة العلمية وأنّ الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينية ، فكذلك في الحجة الإجمالية أيضا طابق النعل بالنعل. ولا يعذر العبد في مخالفة الواقع بعد قيام الحجة عليه ولو إجمالا. إذ المعتبر وصول التكليف إليه لا تميّز المكلف به لديه.
وبالجملة وزان قيام الحجة على الحكم الفعلي ولو إجمالا وزان العلم الوجداني به بنظر العقل الحاكم في باب الإطاعة والعصيان.
اللهم إلّا أن تقوم حجة أقوى على الترخيص ورفع اليد عن الواقع رعاية لمصلحة