في تطبيقها على المقام نوع تقية.
الثالثة : ما عن معاوية بن عمّار عن رجل من أصحابنا ، قال : كنت عند أبي جعفر عليهالسلام فسأله رجل عن الجبن ، فقال أبو جعفر عليهالسلام : «إنه لطعام يعجبني وسأخبرك عن الجبن وغيره : كلّ شيء فيه الحلال والحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام فتدعه بعينه.» (١)
والظاهر كون هذه المرسلة ناظرة إلى خبر عبد الله بن سليمان. وكلمة «بعينه» فيها متأخرة وظاهرها كونها قيدا لقوله : «فتدعه» لا للمعرفة.
الفائدة الحادية عشرة : هل يصح الاستدلال للمسألة بالروايات المذكورة آنفا؟
وكيف كان فالعمدة هي الصحيحة لو صرفنا النظر عما ناقشنا فيها. والظاهر منها كما مرّ شمولها لأطراف العلم الإجمالي أيضا وكون الغاية فيها خصوص المعرفة التفصيلية ، فلا يجب الاجتناب عن أطراف الحجة الإجمالية.
فهل يجوز رفع اليد بسبب رواية واحدة ـ قابلة للحمل على الشبهة غير المحصورة أو خروج بعض الأطراف عن محلّ الابتلاء أو غير ذلك ولا سيما على احتمال كونها قطعة من رواية عبد الله بن سليمان كما مرّ ـ عن جميع إطلاقات العناوين المحرمة الشاملة للمعلوم بالإجمال أيضا ، مع حكم العقل بوجوب الإطاعة في الحجة الإجمالية أيضا باجتناب جميع الأطراف من باب المقدمة العلمية كما مر بيانه؟
قال الشيخ الأنصاري (ره) في أوائل الاشتغال من الرسائل بعد استظهار كون قوله : «بعينه» قيدا للمعرفة قال :
«إلّا أنّ إبقاء الصحيحة على هذا الظهور يوجب المنافاة لما دلّ على حرمة ذلك العنوان المشتبه مثل قوله : «اجتنب عن الخمر» ، لأن الإذن في كلا المشتبهين ينافي المنع عن عنوان مردّد بينهما ويوجب الحكم بعدم حرمة الخمر المعلوم إجمالا في متن الواقع ، وهو مما يشهد الاتفاق والنصّ على خلافه حتى نفس هذه الأخبار ،
__________________
(١) الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٩٢ ، الباب ٦١ من أبواب الأطعمة المباحة ، الحديث ٧.