قال الشيخ :
«وضعفهما منجبر بالشهرة المحققة والإجماع المدّعى في كلام من تقدم.» (١)
أقول : الجبران إنّما يتحقق على فرض استناد المشهور أو المجمعين على هاتين الروايتين ولم يتّضح هذا.
وبما ذكرنا كلّه في المقام يظهر أيضا بطلان ما احتملناه في الأمر الثاني من إجراء الأصول المرخصة في بعض أطراف العلم الإجمالي بنحو التخيير.
مضافا إلى أنّه إذا كان مفاد العلم الإجمالي حكما اقتضائيا إلزاميا ومفاد الأصل مجرّد اللااقتضاء فالظاهر عند العقلاء والعرف عدم مزاحمة اللااقتضاء المحض للاقتضاء الملزم. ولو سلّم كون الترخيص أيضا عن اقتضاء كما لعلّه الظاهر في الإباحة والحلّيّة الظاهرية فالظاهر عندهم أهمية الاقتضائي الملزم من غير الملزم. هذا.
وتفصيل هذه المسائل موكول إلى علم الأصول ، وإنما أشرنا إليها هنا استطرادا.
الفائدة الثانية عشرة :
هل أصالة الحلّ في أحد الطرفين يستلزم جواز بيعه بقصد المذكّى؟
الأمر الخامس : قد ظهر من عبارة المصنّف أنّه لو قلنا بجواز ارتكاب أحد الطرفين بإجراء أصالة الحلّ فيه بنحو التخيير جاز بيعه أيضا بقصد المذكى الواقع في البين.
وناقش في ذلك المحقّق الشيرازي في حاشيته في المقام بما لفظه :
«الظاهر أنّ اصالة الحلّ بالمعنى الذي ذكرناه لا يثبت به إلّا جواز الأكل. وأمّا جواز البيع فلا ، لأنّ المفروض عدم جواز بيع الميتة الواقعية. فمع الشك في تحقق الموضوع القابل للانتقال يحكم بأصالة عدم الانتقال وإن لم يكن هناك أصل يثبت به عدم كونه المذكّى ، وذلك نظير المال المردّد بين كونه مال الشخص أو مال غيره ، فإنّه وإن قلنا بجواز أكله إذا لم يكن مسبوقا بكونه ملكا لغيره ، لكن لا نقول بجواز بيعه ، لما قلنا من الشكّ في الملكية المترتّب عليها جواز البيع ونفوذه.
__________________
(١) الرسائل ، ص ٢٤٧ (ـ ط. اخرى ، ص ٤١٤) ، في الشكّ في المكلّف به ، في الشبهة المحصورة.