الأوصياء الممانعة عن الظلم تكوينا ، مع أنّه ـ تعالى ـ هو الذي أقدر الإنسان على فعل الخير والشرّ. وإن كان مدرك حكمه ، وجوب الإطاعة وحرمة المعصية لأمره ـ تعالى ـ بقطع مادّة الفساد فلا دليل على ذلك إلّا في موارد خاصّة كما في كسر الأصنام والصلبان وسائر هياكل العبادة. نعم إذا كان الفساد موجبا لوهن الحقّ وإحياء الباطل وجب دفعه لأهميّة حفظ الشريعة المقدّسة ، ولكنّه وجوب شرعي في مورد خاصّ ولا يرتبط بحكم العقل.» (١)
أقول : أحكام العقل على قسمين :
القسم الأوّل : ما يحكم به بلحاظ إدراك المصالح والمفاسد النفس الأمرية ملزمة كانت أو غير ملزمة كحكمه بحسن العدل والإحسان وأداء الحقوق وقبح الظلم والعدوان ونحو ذلك.
وهذا القسم يستتبع قهرا أحكام الشرع على طبقها ولو إمضاء حيث إنّه ما من موضوع إلّا وله حكم شرعي تابع للمصالح والمفاسد ، لعدم كون أحكامه جزافيّة. وقد عبّروا عن هذا الاستتباع بالملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع.
القسم الثاني : ما يحكم به العقل في المرتبة المتأخّرة عن الأحكام الشرعيّة كحكمه بوجوب إطاعة أوامر الشارع ونواهيه وقبح معصيتها.
وهذا القسم لا تجري فيها قاعدة الملازمة ولا يستتبع حكما شرعيّا ، لعدم تحقّق الملاك فيها وراء الملاكات الأوّليّة التي استتبعت الأحكام الأوّليّة ، ولاستلزام التسلسل بتحقّق إطاعات غير متناهية ووجوبات كذلك كما فصّل في محلّه.
وحيث إنّ المصنّف هنا في مقام الاستدلال على الحرمة الشرعيّة فلا محالة يكون حكم العقل به المستدلّ به من قبيل القسم الأوّل كما لا يخفى. (٢)
إطار حجية العقل
«حجية العقل هل تشمل الموضوعات أم لا وهل المتبع في تشخيص موضوعات الأحكام الدقة العقلية؟»
__________________
(١) مصباح الفقاهة ، ج ١ ، ص ٢٥٤.
(٢) المكاسب المحرمة ، ج ٣ ، ص ٩١