أقول : ما ذكره مبني على كون الموضوع الموازين والصنوج المتعارفة فتحمل على أفرادها المتوسطة مع بداهة بطلان ذلك.
والحق ما ذكره في مصباح الفقيه وحاصله بتوضيح منا :
«أن أسماء المقادير والأوزان أسام لأصول مضبوطة محدودة في الواقع بحدود غير قابلة للزيادة والنقيصة ، فالذراع مثلا أصله ذراع خاص عيّنه المأمون مثلا لتقدير المساحة محفوظ في محل خاص ، والمتر أصله محفوظ في خزانة باريس ، وكذا الصنوج المتعارفة لكل منها أصل غير قابل للزيادة والنقيصة ، والمقادير والأوزان الموجودة في البلاد وفي أيدي الناس أمارات لتلك المقادير والأوزان الواقعية يعتمد عليها من باب أصالة الصحة والسلامة ما لم يعلم نقصها ، فلو اختلفت الموازين التي في أيدي الناس وتعارضت سقطت عن الاعتبار ، ومع الشك في بلوغ النصاب الأصل يقتضي البراءة كما اختاره الشيخ. وقول صاحب الجواهر تبعا للمسالك : «لاغتفار ذلك في المعاملة» ففيه أن الاغتفار مبني على المسامحة ، ولذا يتسامحون لدى إختلاف الموازين في غير النقدين بما لا يتسامحون فيهما ، ويتسامحون في الفضة بما لا يتسامحون في الذهب. قوله : «ولصدق بلوغ النصاب بذلك» ففيه أن موضوع الحكم كونه بحد ذاته بالغا حد النصاب سواء وجد في العالم ميزان أم لا ولا موضوعية للموازين المتعارفة حتى يكتفي بصدقها بل هي أمارات وطرق ولا حجية لها مع التعارض بل تصير الأصول حينئذ مرجعا حتى عند العرف والعقلاء فتدبر.» (١)(٢)
المسامحات العرفية
«هل الزكاة تتعلق بمال المجنون الأدوراي أم لا؟ ويبحث فيها عن لزوم الدقة العقلية في تعيين الحدود وعدمه» (٣)
__________________
(١) مصباح الفقيه ، ج ٣ ، ص ٥١ و٥٢.
(٢) كتاب الزكاة ، ج ١ ، ص ٢٩٧ إلى ٢٩٩.
(٣) كتاب الزكاة ، ج ١ ، ص ٣٨.