المقدمة
علائم الحقيقة والمجاز ، ومنها التبادر «ويمكن أن يستشكل على جعل التبادر علامة للوضع هنا : هل إن المراد بالوضع هنا خصوص التعييني منه او الأعم منه ومن التعيّنى؟ فإن اريد خصوص التعييني لم يكن التبادر علامة له ؛ إذ لا يحزر به خصوصه ، وإن اريد الأعم قلنا : إنه عين التبادر ؛ إذ لا معنى للوضع الجامع لقسميه إلّا كون اللفظ بحيث إذا سمع فهم منه المعنى. وهو بعينه التبادر والدلالة الشأنية ، كما عرفت في مبحث الوضع.»
أقول : يمكن أن يقال : إن التبادر عبارة عن انسباق المعنى من اللفظ ، ولا يمكن هذا الانسباق إلّا لسبق خصوصية بين اللفظ والمعنى ، تكون بمنزلة العلة للانسباق الفعلي ، وهي أنس اللفظ بالمعنى والعلقة الحاصلة بينهما المعبر عنها بالدلالة الشأنية. وإن أبيت وجود الخصوصية بين اللفظ والمعنى اعتبارا ، وتحاشيت عنه ، فلا أقل من وجود أنس وحالة في ذهن المخاطب سابقا على سماع هذا الاستعمال ، وبسببه يتحقق الانسباق الفعلي ، فالتبادر عبارة عن الانسباق الفعلي ، والوضع أمر سابق عليه ، يكون بمنزلة العلة لهذا الانسباق فافهم. (١)
أنحاء التلبسات
«... انحاء التلبسات مختلفة ، فانّ الضرب مثلا يتلبس بالفاعل من حيث صدوره عنه ، وبالمفعول من حيث وقوعه عليه ، وبالزمان والمكان من حيث وقوعه فيهما ، وباسم الآلة من حيث كونها واسطة للصدور ...»
__________________
(١) نهاية الاصول ، ص ٣٩.