تقرير مبنى المحقق الخوئي (ره) في الشهرة
وفي مصباح الفقاهة أيضا بعد ما منع حجيّة هذه الرواية لإرسالها واختصاص الحجّية بالخبر الموثوق بصدوره قال ما ملخّصه :
«وهم ودفع : ربّما يتوهّم انجبار ضعفها بعمل المشهور ، لكنّه فاسد كبرى وصغرى : أما الكبرى فلعدم كون الشهرة في نفسها حجّة فكيف تكون موجبة لحجّية الخبر وجابرة لضعفه لأنّه كوضع الحجر في جنب الإنسان.
لا يقال : عمل المشهور بالخبر كاشف عن احتفافه بقرائن قد اطلعوا عليها توجب الوثوق ، كما أنّ إعراضهم عن الخبر الصحيح يوجب وهنه وسقوطه ، ومن هنا اشتهر أنّ الخبر كلّما ازداد صحّة ازداد بإعراض المشهور وهنا.
فإنّه يقال ـ مضافا إلى أنّه دعوى بلا برهان ـ : إنّ المناط في حجيّة خبر الواحد هي وثاقة الراوي. ويدلّ على ذلك الموثقة التي أرجع السائل فيها إلى العمري وابنه ، حيث علّل هذا الحكم فيها بأنّهما ثقتان (١) ، والروايات المتواترة التي أرجع فيها إلى أشخاص موثّقين. وعلى هذا فإن كان عمل المشهور راجعا إلى توثيق رواة الخبر وشهادتهم بذلك فبها ، وإلّا فلا يوجب انجبار ضعفه.
ومن هنا يعلم أنّه بعد ثبوت صحّة الخبر لا يضرّه إعراض المشهور عنه إلّا أن يرجع إلى تضعيف رواته.
وأمّا الوجه في منع الصغرى فهو عدم ثبوت عمل المتقدّمين بها. وأمّا عمل المتاخرين فهو على تقدير ثبوته غير جابر لضعفها مضافا إلى أنّ استنادهم إليها في فتياهم ممنوع جدّا.» (٢)
أقول : ما ذكره ـ قدس سرّه ـ أخيرا من منع الصغرى صحيح ، إذ جبران الضعف أو كسر صحّة الخبر من جهة أن شهرة الفتوى بين من لا يفتي بالأقيسة والاستحسانات الظنيّة ، بل يكون
__________________
(١) الكافي ، ج ١ ، ص ٣٣٠ ، كتاب الحجّة ، باب في تسمية من راه عليهالسلام ، الحديث ١.
(٢) مصباح الفقاهة ، ج ١ ، ص ٦ و٧.