بناؤهم على التعبّد بالنصوص وأقوال العترة الطاهرة ، ربّما تكشف كشفا قطعيّا عن تلقّيهم الفتوى عنهم عليهمالسلام يدا بيد أو اطلاعهم على قرائن حاليّة أو مقاليّة اختفت علينا. وهذا البيان لا يجري في شهرة المتاخرين ، لانقطاعهم عن الأئمة عليهمالسلام ، فلا محالة استندوا في فتاواهم على اجتهادات عقليّة حول الأخبار الموجودة. ومن الواضح أنّ مضامين رواية تحف العقول لا توجد في كتب القدماء من أصحابنا لا بنحو الفتوى ولا بعنوان الحديث والرواية ، فليس في المقام شهرة يجبر بها ضعف الرواية.
وأما ما ذكره ـ قدس سرّه ـ في منع الكبرى فهو أمر كان يصرّ عليه في الأبواب المختلفة من الفقه كما يظهر لمن تتبع تقارير أبحاثه.
وقد اتفق لي سفري الأوّل إلى النجف الأشرف : أن قلت له في لقائي : إنّ إجزاء جميع الأغسال عن الوضوء أمر تدلّ عليه روايات صحيحة دلالة واضحة وكانت هذه الروايات بمرأى الأعاظم من فقهائنا المتقدّمين ومع ذلك نراهم لا يفتون بمضامينها ويفتون بمضمون مرسلة ابن أبي عمير وخبره عن حمّاد أو غيره الدالّتين على عدم إجزاء غير غسل الجنابة عنه (١) ، فهل يبقى مع ذلك وثوق بصحّة تلك الروايات وعدم احتفافها بقرائن مانعة عن ظهورها؟
تقرير مبنى الأستاذ البروجردي (ره) في الشهرة
وبعكس ذلك كان الأستاذ آية الله البروجردي ـ أعلى الله مقامه ـ مصرّا على الاعتناء بشهرة القدماء من أصحابنا في المسائل الأصلية المتلقّاة عن الأئمة عليهمالسلام يدا بيد ـ في قبال المسائل الفرعيّة المستنبطة عنها بالاجتهاد ـ وكان يقول : إنّ بناء الأصحاب كان على أخذ الفقه من الفحول والأساتذة يدا بيد وإنّ سلسلة فقهنا لم تنقطع في عصر من الأعصار ، بل كان أصحاب الأئمة عليهمالسلام معتنّين بفتاوى الأئمة عليهمالسلام مهتمّين بها ناقلين إيّاها لتلاميذهم ، وكان الخلف يأخذها عن السّلف إلى عصر الصدوقين والمفيد والمرتضى والشيخ وأقرانه ، وكانوا يذكرونها في كتبهم بألفاظها حتى اتّمهم العامّة بأنهم يقلّدون الأوائل وليسوا من أهل
__________________
(١) الوسائل ، ج ١ ، ص ٥١٦ ، كتاب الطهارة ، الباب ٣٥ من أبواب الجنابة.