لا يفيد الإجماع أيضا فضلا عن الشهرة ، لأنّ وزانها وزان المسائل العقليّة التي لا مجال فيها للتمسّك بالإجماع والشهرة (١).
نقد مبنى العلمين : البروجردي والخوئي (ره) في الشهرة
أقول : إطلاق ما ذكره هذان العلمان في هذا المجال قابل للمناقشة :
أما ما ذكره الاستاذ ـ قدس سرّه ـ فلأنّ الشهرة بين القدماء إن أوجبت الوثوق والاطمئنان بتلقّيهم المسألة من الأئمة عليهمالسلام يدا بيد ، أو اطلاعهم على ما لو وصل إلينا كان حجّة قطعا كما هو المدّعى ، صحّ الاعتماد عليها.
ولكن من المحتمل كونها في أكثر المسائل على أساس الروايات الموجودة بأيدينا ، بل هو المظنون غالبا. ومجرّد الاحتمال كاف في منع الاعتماد عليها ، نظير الإجماعات المبتنية ولو احتمالا على الأخبار والمدارك الموجودة عندنا ، فليسا دليلين مستقلّين.
ألا ترى أنّ اشتهار تنجّس البئر في كتب القدماء من أصحابنا شهرة قاطعة كيف انهدم أساسها بسبب صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع الحاكمة بأنّ ماء البئر واسع لا يفسده شيء إلّا أن يتغير ريحه أو طعمه. الحديث (٢).
والاستاذ أيضا أفتى بعدم تنجّسها بعذر أنّ القول بالتنجّس كان مستندا إلى الأخبار التي بأيدينا فنحملها على التنزيه.
نعم لو فرض اشتهار الفتوى بين القدماء من أصحابنا في مسألة ، من دون أن يكون له دليل ظاهر فيما بأيدينا من الأخبار ولم يساعده أيضا إطلاق دليل أو اعتبار عقلي ، كشفت الشهرة لا محالة عن تلقي المسألة عن الأئمة عليهمالسلام يدا بيد ، أو وصول دليل معتبر إليهم غير واصل إلينا ، نظير الإفتاء بإتمام الصلاة وإفطار الصيام في سفر الصيد للتجارة وازدياد المال ، مع عدم وجود رواية بذلك فيما بأيدينا وأنّ مقتضى القواعد والإطلاقات هو التلازم بين الصلاة والصيام في
__________________
(١) البدر الزاهر ، ص ٨ الى ١٠.
(٢) الوسائل ، ج ١ ، ص ١٠٥ ، كتاب الطهارة ، الباب ٣ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ١٢ ، وأيضا الحديث ١٠.