يجز الأخذ به ، وهذا معنى كون عمل المشهور جابرا لضعف الرواية ، وإعراضهم كاسرا لصحّتها.
وبطانة الأئمة عليهمالسلام وأصحابهم وتلاميذ أصحابهم الملازمون لهم كانوا واقفين على فتاواهم. وقد مرّ في خبر عبد الله بن محرز أنّ الراوي ترك ما سمعه من شخص الإمام وأخذ بقول أصحابه اعتمادا عليه ، واستحسنه الإمام لذلك (١). ويظهر من أخبار كثيرة في أبواب مختلفة اعتماد الشيعة على أصحاب الأئمة وبطانتهم وأخذ الأحكام منهم وإمضاء الأئمة عليهمالسلام ذلك ، فتأمل. هذا.
وفي ذيل مقبولة عمر بن حنظلة الوارد في علاج الخبرين المتعارضين قال عليهالسلام : «ينظر إلى ما كان من روايتهم عنّا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه من أصحابك فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فإن المجمع عليه لا ريب فيه ، وإنّما الأمور ثلاثة : أمر بيّن رشده فيتّبع ، وأمر بيّن غيّه فيجتنب ، وأمر مشكل يردّ علمه إلى الله وإلى رسوله ... قلت : فإن كان الخبران عنكما مشهورين قد رواهما الثقات عنكم؟ ...» (٢)
ما هو المراد من المجمع عليه والشهرة في الحديث؟
والظاهر أن المقصود بالمجمع عليه في الحديث ما اشتهر العمل به والإفتاء بمضمونه استنادا إليه كما يظهر من مقابلته بالشاذّ. وإذا وصل العمل بالرواية والاعتماد عليها إلى حدّ عدّ خلافه شاذّا نادرا صارت عند العقلاء ممّا لا ريب فيها ، إذ يحصل بمضمونها الوثوق غالبا. وحمل الشهرة في الحديث على الشهرة الروائية فقط بعيد في الغاية.
توضيح ذلك : أنّ الشهرة على ثلاثة أقسام :
الأوّل : الشهرة في الرواية بمعنى كثرة الناقلين لها ، سواء عملوا بها أم لا.
الثاني : الشهرة العمليّة بمعنى عمل المشهور برواية واستنادهم إليها في مقام الإفتاء.
__________________
(١) الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٤٤٥ ، كتاب الفرائض والمواريث ، الباب ٥ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ، الحديثان ٤ و٧.
(٢) الكافي ، ج ١ ، ص ٦٨ ، كتاب فضل العلم ، باب إختلاف الحديث ، الحديث ١٠.