الآخر رواية نفس عمر بن حنظلة. ولكن كبار الأصحاب رووا عن عمر بن حنظلة واعتنوا برواياته ، وروايته هنا متلقّاة بالقبول ولعلّه يظهر آثار الصدق من متنها وفقراتها فيحصل الوثوق بصحّتها ، فتدبّر. وراجع ما حرّرناه في سند الرواية ومفادها في كتاب ولاية الفقيه (١).
وبالجملة يستفاد من المقبولة الاعتماد على الشهرة إجمالا. وعلى ذلك استقرّت الفتاوى في علاج الخبرين المتعارضين.
ويؤيّد ذلك مرفوعة زرارة المرويّة في عوالي اللآلي عن العلامة ، قال : سألت الباقر عليهالسلام فقلت : جعلت فداك يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان فبأيّهما آخذ؟ فقال : «يا زرارة ، خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذّ النادر ...» ورواه عنه في قضاء المستدرك (٢).
ولكن المرفوعة ضعيفة جدّا حتى إنّه طعن فيها وفي أصل الكتاب من لم يكن من دأبه المناقشة في الأخبار كصاحب الحدائق (٣). ولم يوجد منها أثر في ما بأيدينا من كتب العلّامة ، وإن أمكن أن يقال : إنّه في العوالي بعد ذكر المرفوعة قال : «وقد ورد هذا الحديث بلفظ آخر وهو ما روى محمد بن عليّ بن محبوب ، عن محمد بن عيسى ، عن داود بن الحصين ، عن عمر بن حنظلة.» وذكر المقبولة بطولها ، ولعلّ هذا يوجب الاطمئنان بأنّ ابن أبي جمهور رأى المرفوعة في كتاب من كتب العلّامة ولكنّه لم يصل إلينا هذا.
وقد طال الكلام في الجهة الرابعة حول حديث تحف العقول. فاعتذر من القرّاء الكرام.
الأمور على حسب وعاء وجودها على ثلاثة أقسام
الجهة الخامسة : لا يخفى أنّ الأمور على ثلاثة أقسام :
الأوّل : الحقائق المتأصّلة والموجودات الخارجيّة التي شغلت وعاء الخارج بمراتبه ، مجرّدة كانت أو مادّية ، جوهرية أو عرضية محمولة بالضميمة كالأبيض المحمول على الجسم والعالم المحمول على النفس.
__________________
(١) ولاية الفقيه ، ج ١ ، ص ٤٢٨.
(٢) عوالي اللآلي ، ج ٤ ، ص ١٣٣ ، الحديث ٢٢٩ ؛ ومستدرك الوسائل ، ج ٣ ، ص ١٨٥ ، كتاب القضاء ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢.
(٣) الحدائق ، ج ١ ، ص ٩٩ ، المقدمة السادسة.