ما هي حقيقة الأمور الاعتبارية؟
الثالث : الأمور الاعتبارية المحضة التي لا واقعيّة لها في عالم الخارج أصلا ، وإنما توجد في وعاء الفرض والاعتبار باعتبار من له الاعتبار عرفا أو شرعا بلحاظ الآثار المترقّبة منها المترتبة عليها عند العقلاء ، فيكون تكوينها بعين وجودها الإنشائي الاعتباري ، وذلك كالمناصب الاعتبارية بمراتبها والأحكام الشرعيّة التكليفيّة والوضعيّة. ومن هذا القبيل الزوجيّة المعتبرة بين الزوجين والملكيّة الاعتبارية التي هي موضوع بحثنا في باب المعاملات ، لا الملكيّة الحقيقيّة التكوينية.
توضيح ذلك : أنّ الملكية أعني إضافة الواجدية المتحققه بين المالك والملك تكون على نوعين : ملكيّة حقيقية تكوينية ، وملكيّة اعتبارية محضة :
فالأولى كمالكيّة الله ـ تعالى ـ لنظام الوجود من الأعلى إلى الأدون بمعنى واجديّته لها وإحاطته القيّوميّة بها تكوينا لتقوّمها به ذاتا. وكذا مالكيّة الإنسان لفكره وقواه وحركاته الصادرة عنه. ومن هذا القبيل أيضا مقولة الجدة كواجدية الإنسان خارجا لألبسته المحيطة ببدنه ، ويقال لها مقولة الملك أيضا.
والثانية كمالكية زيد مثلا لداره وبستانه وسائر أمواله ، حيث إنّها إضافة اعتباريّة محضة يعتبرها العرف والشرع بينهما وإن فرض كون أحدهما بالمغرب والآخر بالمشرق مثلا. هذا.
وفي مصباح الفقاهة مثّل للملكيّة التكوينيّة بالإضافات الموجودة بين الأشخاص وأعمالهم وأنفسهم وذممهم ، ثم قال :
«فإنّ أعمال كلّ شخص ونفسه وذمّته مملوكة له ملكيّة ذاتيّة وله واجديّة لها فوق مرتبة الواجديّة الاعتبارية ودون مرتبة الواجديّة الحقيقيّة التي لمكوّن الموجودات.» (١)
أقول : واجديّة الشخص لنفسه ليس من قبيل الإضافات ، إذ الإضافة تحتاج إلى طرفين.
__________________
(١) مصباح الفقاهة ، ج ١ ، ص ٩.