اللهم إلّا أن يفرض الاثنينية بين الشيء ونفسه ثمّ يعتبر الإضافة بينهما ، فمآله إلى الاعتبار قهرا ، وبهذا اللحاظ أيضا يحمل الشيء على نفسه ، فتدبّر.
وواجديّة الشخص لذمّته ليست تكوينيّة ذاتية بل هي اعتباريّة محضة ، إذ الذمّة أمر اعتباري يعتبره العقلاء للأشخاص على حسب ما يرون لهم من الإمكانات كما هو واضح.
الملكية الاعتبارية تنشأ من الملكية الحقيقية
ثمّ لا يخفى أنّ اعتبار الملكيّة وفرضها ليس جزافيّا ، بل الظاهر أنّ منشأه وأساسه وجود نحو من الملكيّة الحقيقيّة التكوينيّة ، والحاصل أنّ نظام التشريع الصحيح ينطبق على نحو من نظام التكوين.
بيان ذلك أنّ الشخص يملك تكوينا لفكره وقواه وأعضائه وجوارحه في الرتبة الأولى كما مرّ ، وبتبع ذلك يملك لحركاته وأفعاله من الصنع والزرع والحيازة ونحو ذلك كذلك في الرتبة الثانية ، ويتبع ذلك قهرا وجود مصنوعاته ومحصولاته وما أحياه وحازه تحت سلطته فيعتبر إضافة الملكيّة بينها وبينه لكونها من ثمرات حركاته وأفعاله ، ويعدّ المستولى عليها بدون إذنه عند العرف والعقلاء غاصبا لحقّ الغير. فالمرتبة الأولى من الملكيّة الاعتبارية ترتّبت على مرتبتين من التكوينيّة ونتاجات هذه ومنافعها تعدّ ملكا له في الرتبة المتأخّرة وهكذا. هذا كلّه مع قطع النظر عن المبادلات.
ثم إنّ الصنائع والحركات توجد لرفع الحاجات ، ولما كانت مصنوعات الشخص وتوليداته قد لا تفي بجميع حاجاته وقد يزيد بعضها عن مقدار حاجته ، فهو بسلطنته عليها ربّما يهبها لمن يحتاج إليها مجّانا وربّما يبادل بعضها عينا أو منفعة في قبال مصنوعات الغير وتوليداته لاحتياجه إلى مصنوع الغير واحتياج الغير إلى مصنوعه ، فمن هنا انعقدت نطفة المبادلات والمعاملات الدائرة من البيع والإجارة ونحوهما. فتصير مالكيته لمصنوع الغير في قبال ما كان يملكه من مصنوع نفسه ، فيضاف إليه إضافة ثانويّة لكونها متفرّعة على الإضافة الأوّليّة الحاصلة بصنعه ، وهكذا ثالثة ورابعة حسب تعاقب المبادلات على الأعيان أو المنافع.