على بعض ، بل وفي تحريم بعض المذاهب الفقهيّة وتعذيب متابعيها والإلزام بأخذ مذهب آخر ، كما شهد بذلك التاريخ ، والناس كانوا غالبا على دين ملوكهم.
وربّما استعانوا في إعمال سياساتهم ببعض العلماء والعلماء أيضا ، إلى أن استقرت آراء علمائهم وحكّامهم في النهاية على حصر المذاهب في المذاهب الأربعة الدارجة لهم فعلا ، أعني مذاهب أبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل.
سبب حصر المذاهب المقبولة في الأربعة
وفي رياض العلماء للمتتبع الخبير الميرزا عبد الله الأفندي الأصفهاني نقلا من كتاب «تهذيب الأنساب ونهاية الأعقاب» تأليف أحد من بني أعمام السيد المرتضى (ره) ما ملخّصه أنّه :
«اشتهر على ألسنة العلماء أنّ العامّة في زمن الخلفاء لمّا رأوا تشتّت المذاهب في الفروع وإختلاف الآراء ، بحيث لم يمكن ضبطها فقد كان لكلّ واحد من الصحابة والتابعين ومن تبعهم مذهب برأسه في المسائل الشرعيّة والأحكام الدينيّة ، التجئوا إلى تقليلها فأجمعوا على أن يجمعوا على بعض المذاهب ...
فالعامّة أيضا لمّا اضطربت اتّفقت كلمات رؤسائهم وعقيدة عقلائهم على أن يأخذوا من أصحاب كلّ مذهب خطيرا من المال ويلتمسوا آلاف ألف دراهم ودنانير من أرباب الآراء في ذلك المقال.
فالحنفية ، والشافعية ، والمالكية ، والحنبلية لوفور عدّتهم وبهور عدّتهم جاؤوا بما طلبوه ، فقرّروهم على عقائدهم.
وكلّفوا الشيعة ، المعروفة في ذلك العصر بالجعفرية ، لمجيء ذلك المال الذي أرادوا منهم ، ولمّا لم يكن لهم كثرة مال توانوا في الإعطاء ولم يمكنهم ذلك.
وكان ذلك في عصر السيد المرتضى (ره) وهو قد كان رأسهم ورئيسهم ، وقد بذل جهده في تحصيل ذلك المال وجمعه من الشيعة فلم يتيسّر له ، حتى إنّه كلّفهم بأن يجيئوا بنصف ما طلبوه ويعطي النصف الآخر من خاصّة ماله ، فما أمكن