عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم بأكثر من قرن ، ولم يجعل الله ـ تعالى ـ العلم والاجتهاد ملكا طلقا لبعض دون بعض ، ولم يرد آية ولا رواية على تعيّن الأربعة ، ولا دلّ عليه دليل من العقل.
فبأيّ وجه ينسدّ باب الاجتهاد من الكتاب والسنّة ، ويتعيّن التقليد منهم ، أو الاجتهاد في نطاق مذاهبهم فقط؟! وهل كان يوحي إليهم ولا يوحي إلى غيرهم؟! أو كان لهم نبوغ علمي وشرائط غير طبيعية لا توجد لغيرهم أبدا؟! وهل يكون إلزام الخليفة العباسي حجة شرعية لا تجوز مخالفتها؟!
وبالجملة ، نحن لا نرى وجها مبرّرا لحصر الاجتهاد المطلق والاستنباط من الكتاب والسنة على فئة خاصّة عاشوا بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بأكثر من قرن ، ولم يتميّزوا قطّ بخصائص غير عادية لا توجد لغيرهم إلى يوم القيامة ، وقد سبقهم أساتذتهم ، وتقدّمهم وعاصرهم أئمّة أهل البيت عليهمالسلام ، ولحقهم فقهاء كثيرون ملكوا علوم القدماء وتجاربهم وأضافوا إليها استنباطات جديدة ويكونون أعلم بشرائط الزمان وأعرف بحاجاته وخصوصياته.
نهي الائمة الأربعة عن تقليدهم جهلا
وفي كتاب «نظم الحكم والإدارة في الشريعة الإسلامية» تأليف علي علي منصور :
عن أبي حنيفة أنّه كان يقول :
«علمنا هذا رأي لنا وهو أحسن ما قدرنا عليه ؛ فمن جاءنا بأحسن منه فهو الصواب. ولا يحلّ لأحد أن يقول بقولنا حتى يعلم من أين قلنا.»
وكان مالك يقول :
«إنّما أنا بشر ؛ أخطئ وأصيب ، فانظروا في رأيي ، فإن وافق الكتاب والسنّة فخذوا به ، وما لم يوافقهما فاتركوه.»
وكان الشافعي يقول لأتباعه :
«لا تقلّدوني في كلّ ما أقول ، وانظروا في ذلك ، فإنّه دين.»
ويقول الإمام أحمد بن حنبل :