«والمراد بأهل بيته هنا مجموعهم من حيث المجموع باعتبار أئمّتهم ، وليس المراد جميعهم على سبيل الاستغراق ، لأن هذه المنزلة ليست إلّا لحجج الله والقوّامين بأمره خاصّة ، بحكم العقل والنقل. وقد اعترف بهذا جماعة من أعلام الجمهور. ففي الصواعق المحرقة لابن حجر : وقال بعضهم : يحتمل أن المراد بأهل البيت الذين هم أمان ، علماؤهم لأنّهم الذين يهتدي بهم كالنجوم ، والذين إذا فقدوا جاء أهل الأرض من الآيات ما يوعدون ...» (١)
أقول : ولا أظنّ أنّ أحدا من المسلمين المنصفين يجتري على تفضيل الأئمة الأربعة في فقه السنّة على الأئمة الطاهرة من عترة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته في العلم والفضائل.
نعم ، سياسة الأمويّين والعباسيّين في عصرهم صنعت ما صنعت بالعترة والآل ، وما أدراك ما السياسة ، وما الذي يتعقبها إذا كانت شيطانية!! فتدبّر في المقام واحتط لدينك.
وقد ظهر لك بما ذكرناه أنّ حصر الاجتهاد في الأئمة الأربعة لأهل السنّة لا أساس له في الشريعة وأنّه قبل أن يكون أمرا دينيّا فقهيّا كان أمرا سياسيّا متطوّرا على حسب تطوّر السياسة في الأزمنة والأمكنة. والأئمة الأربعة بأنفسهم أيضا بريئون منه ، فراجع الكتب المتعرضة لتاريخ المذاهب الأربعة والمتمذهبين بها.
الفائدة الرابعة :
التقليد وأدلّته
لا يخفى أنّ استنباط الأحكام الشرعية واستخراجها من أدلّتها ومنابعها يكون بتصدي المجتهد الفقيه العالم بالكتاب والسنّة وأحكام العقل القطعية وما يتوقّف عليه الاستنباط من العلوم المختلفة.
فمن يكون مجتهدا فعليه الاستنباط والعمل بما فهمه واستنبطه ، أو الاحتياط في مقام العمل.
ومن لم يبلغ مرتبة الاجتهاد فلا محالة يحتاط في العمل مع الإمكان أو يرجع إلى فتوى من
__________________
(١) المراجعات ، ص ٧٦ (المراجعة الثامنة).