قد جعلته قاضيا.» (١)
وتقريب الاستدلال بها أنّ القضاء يلازم الإفتاء ؛ فإذا كان القضاء نافذا ولم يجز ردّه لزم منه كون الإفتاء أيضا نافذا. فهذه سبع طوائف من الروايات التي ربّما استدل بها على حجيّة فتوى المجتهد لمن رجع إليه وقلّده.
المناقشة في أدلّة التقليد
أقول : التقليد المصطلح عليه في أعصارنا عبارة عن الأخذ بقول الفقيه العادل تعبّدا ، وإن فرض أنّه لم يحصل للمقلّد الوثوق والاطمئنان بمطابقته للواقع. فيكون قول الفقيه العادل وفتياه حجّة تأسيسية تعبّدية ، نظير حجّيّة البيّنة الثابتة بخبر مسعدة بن صدقة.
ولا يخفى أنّ إثبات ذلك بالآيات المذكورة وأكثر الروايات التي مرّت مشكل ، لعدم كونها في مقام جعل التكليف الظاهري للجاهل وأنّه متعبّد بالأخذ بأقوال العلماء وفتاواهم وإن لم يحصل له وثوق بكونها مطابقة للواقع.
بل الظاهر من آية السؤال أنّ الجاهل يجب عليه السؤال حتى يحصل له العلم ولو بنحو الإجمال. ويشهد لذلك أنّ الظاهر منها بقرينة المورد كون المقصود هو السؤال عن مواصفات الأنبياء التي لا يجزي فيها الظن والتقليد قطعا.
والمراد بأهل الذكر على هذا أهل الكتاب من اليهود ، كما عن ابن عباس ومجاهد. وفي بعض الأخبار أنّ المراد بأهل الذكر هم الأئمة الاثنا عشر ـ عليهمالسلام ـ (٢).
وكيف كان فلا ترتبط بباب التقليد التعبّدي.
هذا مضافا إلى أنّ الآية في مقام بيان وجوب السؤال ، لا وجوب العمل بما أجيب حتى يتمسك بإطلاقه لصورة عدم حصول الوثوق والعلم أيضا. ويكفي في عدم لغوية السؤال ترتب فائدة ما عليه ، وهو العمل بالجواب مع الوثوق.
وبذلك يظهر الجواب عن آية الكتمان أيضا.
__________________
(١) الوسائل ، ج ١٨ ، ص ١٠٠ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٦. ولفظة «عليكم» بعد قوله «جعلته» ليست في التهذيب بطبعيه ، وإن وجدت في الوسائل.
(٢) اصول الكافي ، ج ١ ، ص ٢١٠ ، كتاب الحجّة ، باب أن أهل الذكر ... هم الأئمة.