عليه السيرة من الأخذ بقول الخبير الثقة وبيانا لكون الأفراد المذكورة من مصاديق موضوعها.
هذا مضافا إلى إمكان منع كونها مرتبطة بباب الاجتهاد والإفتاء ، بل لعلّها مرتبطة بباب الرواية. وبين البابين بون بعيد. فإنّ الراوي يحكي عن الإمام ، والمفتي يحكي عن فهم نفسه ورأيه. اللهم إلّا أن يقال بعمومها لكلا البابين.
وأمّا ما دلّ على الترغيب في الإفتاء أو جوازه أو تقريره ، فلا يدلّ على وجوب القبول والتعبّد به مطلقا ، لعدم كونها في مقام البيان من هذه الجهة ، بل لعلّ الواجب هو العمل بالفتوى بعد حصول الوثوق بمطابقته للواقع ، كما عليه السيرة. وليست فائدة الإفتاء منحصرة في التعبّد به بنحو الإطلاق حتى يحكم بذلك بدلالة الاقتضاء.
وأما ما دلّ على إرجاع أمر القضاء إلى الفقهاء فالتعدي منه إلى غير باب القضاء متوقّف على إلغاء الخصوصيّة والقطع بعدم دخالتها ، وهو ممنوع. لارتباط القضاء بالمتنازعين ، فلا يمكن فيه الاحتياط ، وفصل الخصومة ممّا لا محيص عنه. ففي مثله يكون حكم الفقيه نافذا حتى مع العلم بالخلاف أيضا فضلا عن صورة الشكّ.
وبالجملة ، إثبات التقليد التعبّدي بهذه الآيات والروايات مشكل.
نعم ، الطائفة الثانية من الروايات ، أعني التوقيع الشريف وما في تفسير الإمام وخبر أحمد بن حاتم بن ماهويه ظاهرة في جعل الحجّية لقول الفقيه الثقة وجواز العمل بقوله مطلقا وإن لم يحصل العلم والوثوق ، فيكون حجّة تأسيسيّة شرعية.
ولكن الإشكال في سندها ، كما مرّ. فإثبات هذا الحكم الأساسي بمثل هذه الروايات الضعيفة غير المذكورة في الكتب الأربعة التي عليها المدار مشكل.
الدليل الأصلي للتقليد
فالعمدة في الباب هي بناء العقلاء وسيرتهم على رجوع الجاهل في كلّ فن إلى العالم فيه. ولا مجال للإشكال فيها ، لحصولها في جميع الأعصار والأمصار وجميع الأمم والمذاهب.
وقد استقرّت سيرة الأصحاب أيضا في عصر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمة عليهمالسلام على رجوع الجاهل