ما هو التكليف عند عدم الوثوق الشخصي من قول الثقة
او فتواه للمقلد ونحوه؟
ولكن لقائل أن يقول : إنّ مقتضى ما ذكرت وجوب الاحتياط فيما إذا لم يحصل الوثوق الشخصي من قول الثقة أو فتواه أو غيرهما من الأمارات مطلقا ، سواء كان الشك في ثبوت التكليف أو في سقوطه بعد ثبوته ، وسواء كان الموضوع من الأمور المهمّة كالدماء والفروج أو من غيرها ، ولا نظنّ أحدا يلتزم بذلك.
فالحقّ في المسألة هو التفصيل ؛ فإن كان الشك في سقوط التكليف بعد ثبوته ولو بالعلم الإجمالي وجب الاحتياط أو العمل بأمارة شرعيّة أو عقلائيّة توجب العلم أو الوثوق بالامتثال. وكذلك الكلام إذا كان الشك في أصل ثبوت التكليف ولكن الموضوع كان من الأمور المهمة. وأمّا في غيرها فتجري البراءة العقلية والشرعية. نعم ، مع وجود الأمارة الشرعية أو العقلائية على التكليف يجب الأخذ بها وإن لم يحصل الوثوق الشخصي ، إذ مع وجودها يحكم العقلاء بجواز احتجاج المولى على العبد. ولا يسمع اعتذاره بعدم حصول الوثوق له شخصا ، فتدبّر. هذا.
كلام ابن زهرة في التّقليد
وقد ناسب في المقام نقل كلام ابن زهرة في أوائل الغنية ، قال :
«فصل : لا يجوز للمستفتي تقليد المفتي ، لأنّ التقليد قبيح. ولأنّ الطائفة مجمعة على أنّه لا يجوز العمل إلّا بعلم.
وليس لأحد أن يقول : قيام الدليل وهو إجماع الطائفة على وجوب رجوع العامي إلى المفتي والعمل بقوله مع جواز الخطأ عليه يؤمنه من الإقدام على قبيح ويقتضي إسناد عمله إلى علم.
لأنّا لا نسلّم إجماعها على العمل بقوله مع جواز الخطأ عليه ، وهو موضع الخلاف. بل إنما أمروا برجوع العامي المفتي فقط ، فأمّا ليعمل بقوله تقليدا فلا.