وبالجملة ، المناصب الثلاثة متلازمة ، وكلّها مجعولة لشخص واحد ، فيكون منصب الإفتاء أيضا مجعولا تعبّديا. ولا محالة يشترط في المفتي شروط خاصّة أيضا ذكروها في محلّها.
وبالجملة مرجعيّة الفتوى ليست إلّا تداوم مقام الولاية والإمامة ، ولأجل ذلك أجمع فقهاؤنا على عدم جواز تقليد الميت. هذا.
الإشكال في ثبوت الولاية للفقيه بالنصب في عصر الغيبة
ولكن قد مرّ منّا الإشكال في انحصار طريق الإمامة في النصب ، وفي دلالة الأدلّة عليه ثبوتا وإثباتا. ولعلّ الشارع المقدس أحال تعيين الوالي في عصر الغيبة إلى انتخاب الأمة مع رعاية الشرائط المعتبرة ، وأمر الإفتاء إلى ما استقرّت عليه السيرة كما مرّ بيانها ، فتدبّر.
وحيث إنّ الوالي المنتخب يراعى فيه الشروط الثمانية التي مرّت ومنها الفقاهة بل الأعلميّة مع الإمكان فلا محالة مع كون الأعلم واجدا لسائر الشرائط يتعيّن انتخابه للولاية ، فتجتمع المناصب الثلاثة لواحد قهرا. وهو الأنسب لمصالح الإسلام والمسلمين ، حيث إنّ المقصود جمع أمر المسلمين وتوحيد كلمتهم ، ولا يحصل ذلك إلّا بوحدة الإمام والقائد.
ولكن اللازم هو أن يستعين الإمام في كلّ شأن من الشؤون الثلاثة بأهل الخبرة فيه.
ففي الإفتاء أيضا يلزم أن يدعوا جماعة من أهل الفتوى والنظر ويعقد شورى فتوى يرجع إليها في المسائل المعضلة ، فلا يفتي فيها إلّا بعد تلاقح الأفكار واستماع الأنظار المختلفة ، إذ ربّما هلك من استبدّ برأيه. (١)
__________________
(١) إن اجتماع المناصب الثلاثة اى السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية لفقيه واحد لزمان غير محدود وإن امكن على ضوء نظرية الانتخاب ، ولكن حيث إنّ مشروعية الولاية في عصر الغيبة على هذا النظر مشروطة برضا الناس وانتخابهم عن وعى واختيار ، فللناس حقّ وخيار أيضا أن ينتخبوا الفقيه لزمان معيّن وبشكل معيّن ومع شرائط خاصّة ذكرت في الدستور او في عقد البيعة ، او يجعلوا بالبيعة بعض تلك السلطان لبعض الاشخاص الواجدين للشرائط مقيّدة بزمان وعمل معيّنين ، والبعض الآخر لبعض آخر كذلك ، وهذا هو الذى قد يسمّى في محاورات اليوم بتفكيك القوى كما أن الاول يسمّى بتمركز القوى.
وقد مال الاستاذ ـ دام ظلّه ـ في آرائه الجديدة الى الطريق الثانى اعني تفكيك القوى ، وصرّح في