البعث ، والوجوب حكم العقل يحكم به على الطلب المجرّد عن الترخيص. كما أنّ الاستحباب ينتزع عن الطلب المقارن للترخيص.
ولو سلم تركب الوجوب فهو تركيب عقليّ تحليلي ، فلا تسري التقيّة في بعض أجزائه دون الآخر.
نعم ، لو كان هنا لفظان ودار الأمر بين حمل احدهما على التقيّة أو كليهما صحّ ما ذكره من أنّ الضرورات تتقدّر بقدرها ، فيحفظ أصالة الجهة في احدهما ، فتأمّل.
والحاصل أنّ إشكال صاحب الحدائق قويّ ، ولا يندفع بما في الجواهر ، ولا يلزم أن تكون التقية من الفقهاء والمفتين ، ولا بلحاظ حفظ الأئمة عليهمالسلام بل بلحاظ حفظ شيعتهم من شرّ السلاطين والحكّام الجباة للزكوات بعنف وشدّة ، فانّها كانت اساس اقتصادهم. فلعلّ الأئمة عليهمالسلام أرادوا تقيّد الشيعة عملا باداء الزكاة ممّا تعارف مطالبتها منه ، دفعا لشرّ السلاطين وتخلّصا من مكائدهم. فإنّ وظيفة القائد لقوم ملاحظة محيطهم وما يكون دخيلا في حفظهم من كيد الأعداء. (١)
الفائدة الثانية :
مفاد الأمر والنهي
«المبحث : مفاد الأمر والنهي وبيان ما في الكفاية من أن مفادهما الطلب والاختلاف في المتعلق ، فمتعلق الأمر وجود الطبيعة والنهي عدمها ؛ فلما كان وجود الطبيعة بوجود فرد ما وانعدامها بانعدام جميع الأفراد فلا محالة كان تحقق الامتثال في الأوامر باتيان فرد ما وفي النواهي بترك جميع الأفراد. ويشكل عليه بأن مقتضى ما ذكر أن يكون للنهي امتثال واحد وهو ترك جميع الأفراد وهذا مخالف لحكم العقلاء. ويردّ هذا الإشكال بأن الطبيعي يوجد في الخارج بنعت الكثرة فلها وجودات وأعدام إذ لكل وجود عدم بديل ، فعدم كل واحد من الأفراد عدم للطبيعي الموجود فيه ...»
__________________
(١) كتاب الزكاة ، ج ٢ ، ص ١٨٩ الى ١٩١.