ولا يخفى ان ما يتلقاه بعض بألسنتهم من أنّ «هذا ما أفتى به المفتي وكل ما أفتى به المفتي فهو حكم الله في حقّي» أمر تلقوه بلا توجه من المصوّبة القائلين بحجية الآراء وكونها أحكاما واقعية في حق المجتهدين ومقلّديهم ونحن بريئون من ذلك ولتفصيل الكلام مقام آخر.
استدلال ابن زهرة لعدم جواز التقليد
ويعجبني هنا نقل كلام ابن زهرة في الغنية ملخصا. قال فيها ما حاصله :
«فصل ، لا يجوز للمستفتي تقليد المفتي لأنّ التقليد قبيح ولأنّ الطائفة مجمعة على أنه لا يجوز العمل إلّا بعلم وليس لأحد أن يقول : إجماع الطائفة على وجوب رجوع العامي إلى المفتي والعمل بقوله مع جواز الخطأ عليه يؤمنه من الإقدام على قبيح. لأنا لا نسلّم إجماعها على العمل بقوله مع جواز الخطأ عليه بل إنما أمروا برجوع العامي إلى المفتي فقط فاما ليعمل بقوله تقليدا فلا.
فان قيل : فما الفائدة في رجوعه اليه؟
قلنا : الفائدة في ذلك ان يصير له بفتياه وفتيا غيره من علماء الامامية سبيل إلى العلم بإجماعهم فيعمل بالحكم على يقين. يتبين صحة ذلك أنهم أجمعوا على أنه لا يجوز الاستفتاء إلّا من إمامي المذهب فلو كان إيجابهم الاستفتاء لتقليده لم يكن فرق بينه وبين مخالفه الذي لا تؤمن فتياه بغير الحق».
ومراده بالتقليد القبيح الأخذ بقول الغير تعبدا من دون حصول الوثوق بمطابقة قوله للواقع كما لا يخفى (١) فتدبر.
الاستدلال لحجية الخبر الواحد بآية النفر ونقده
«محل البحث الاستدلال لحجية الخبر الواحد بآية النفر وردّه باحتمال كون المراد من النفر ـ رعاية للسياق ـ هو النفر للجهاد وكون المقصود من
__________________
(١) كتاب الزكاة ، ج ١ ، ص ١٦٤ إلى ١٦٦.