الفائدة الرابعة :
التعبدي والتوصلي
«متعلق الأمر في الواجب التوصلي هو نفس طبيعة الفعل لا الفعل المقيد بصدوره عن الإرادة فإذا أتي به في حال الغفلة أيضا كان مصداقا للمأمور به ، وترتب عليه سقوط الأمر قهرا.»
أقول : وببيان أوضح صدق عنوان الامتثال يتوقف على كون الأمر داعيا ومحركا كما لا يخفى ، ولكن متعلق الأمر ليس مقيدا بالإرادة ونحوها ، فتحققه بأي نحو كان موجب لسقوطه قهرا ، إذ متعلقه عبارة عن نفس الطبيعة المهملة الجامعة بين المرادة وغيرها ، من غير أن يلحظ الآمر سريانها إلى القسمين ، حتى يقال : إن الأمر بالنسبة إلى ما لا يوجد بالإرادة تعلق بأمر غير اختياري ، ومقدورية الطبيعة بما هي هي تتوقف على إمكان إيجادها بالإرادة ، لا على تعلق الإرادة بها فعلا. (١)
ما هو الداعي إلى طاعة المولى وما هو الملاك في عبادية العمل؟
«... ما هو الداعي حقيقة وما هو الملاك في عبادية العمل ليس الأمر الصادر عن المولى ، بل الداعي والملاك للعبادية والمقربية هو إحدى الغايات النفسانية الموجودة في نفس العبد أي العشق بالمولى ، او الشكر له ، او الخوف من عقابه ، او الشوق إلى ثوابه. وما اشتهر بينهم أن الداعي هو الأمر الصادر من المولى فاسد جدّا ...»
أقول : الظاهر أن داعي الفعل عبارة عن علته الغائية ، سواء كانت غاية نهائية محبوبة بالذات أو كانت غاية متوسطة واقعة في سلسلة العلل لما هو محبوب بالذات ، وبعبارة اخرى الداعي عبارة عما يتأخر عن الفعل بحسب الوجود ويتقدم عليه بحسب التصور ، بحيث يتولد من إرادته إرادة الفعل ، ولا فرق في ذلك بين أن تكون الغاية موجودة بوجود مستقل ممتاز عن
__________________
(١) نهاية الاصول ، ص ١١١.