كون صرف الاحتمال بعد الفحص مصححا للعقوبة عقلا بحيث يحكم العقل بنفسه بلزوم الاحتياط في الموارد المشكوكة ، بل يعدّ العقلاء عقاب المولى حينئذ مجازفة من قبل المولى ولعل ما أوقعه ـ قدسسره ـ في هذا المجال التعبير بقبح العقاب بلا بيان فيتوهم انه لا يجري إلّا فيما بيانه وظيفة للشارع ونحن نعبّر بقبح العقاب بلا حجة وبلا جهة ، فالأقوى ما اختاره الشيخ وتلامذته من جريان البراءة العقلية في الشبهات الموضوعية أيضا ولكن العقل لا يحكم بها إلّا بعد الفحص وعدم الظفر.
الفائدة الثالثة :
وجوب الفحص هل يعم الشبهات الموضوعية؟
الأمر الثاني : لا إشكال في وجوب الفحص في الشبهات الحكمية وعدم جواز إجراء البراءة قبله.
ويدلّ على الوجوب فيها الأدلّة الأربعة : الإجماع القطعي على عدم جواز العمل بالأصل قبل استفراغ الوسع في الأدلّة ، والآيات الدالة على وجوب النفر والسؤال ، والاخبار الدالة على لزوم التعلم ومؤاخذة الجهال بتركه ، والعقل الحاكم بلزوم المراجعة إلى الكتب والطوامير المقررة من قبل المولى إذا كان بناؤه على إعلام الأحكام والقوانين بهذا الطريق وذمّ تارك المراجعة إليها مضافا إلى حكمه بالاحتياط او الفحص في أطراف العلم الإجمالي بوجود الأحكام إجمالا من قبل المولى ، فهذه في الجملة مما لا شك فيها ، إنما الإشكال في أنه هل يجب الفحص في الشبهات الموضوعية أيضا أو يجوز إجراء البراءة فيها قبله.
ففي الرسائل ما حاصله :
«إن كانت الشبهة في التحريم ، فلا إشكال ولا خلاف ظاهرا في عدم وجوب الفحص ، ويدل عليه إطلاق أخبار أصالة الحل ؛ وإن كانت الشبهة وجوبية فمقتضى أدلة البراءة حتى العقل كبعض كلمات العلماء عدم وجوب الفحص أيضا وهو مقتضى حكم العقلاء في مثل قوله : «أكرم العلماء أو المؤمنين» إلّا أنه قد يتراءى أن بناء العقلاء في بعض الموارد على الفحص والاحتياط كما إذا أمر المولى بإحضار