ذي الغاية ، او تكون أمرا انتزاعيا موجودا بنفس وجوده ، وعلى الأوّل فلا فرق أيضا بين أن تكون من المسببات التوليدية التي لا تتوسط الإرادة بينها وبين أسبابها ، وبين أن لا تكون كذلك.
ومما ذكرنا يظهر أن في عدّ الملكات النفسانية دواع للأفعال نحو مسامحة ، فإنّ حبّ المولى أو الشوق إلى ثوابه أو الخوف من عقابه مثلا ليس علة غائية ، بل الذي يترتب على العمل هو حصول محبوب المولى او حصول ثوابه ، او التخلص من عقابه ونحو ذلك ، غاية الأمر أن الأوّل أمر ينتزع عن نفس العمل ، وقد عرفت أنه لا فرق في الداعي بين كونه موجودا بوجود مستقل ، وبين غيره. وما اشتهر بينهم من عدّ الأمر داعيا ، فلعل مرادهم من ذلك جعل عنوان موافقة الأمر داعيا ، وهي عنوان ينتزع عن الفعل الخارجي ، ويصح عدّها غاية له. (١)
الفائدة الخامسة :
هل يمكن اخذ قصد القربة في المأمور به؟
«قد أستدل على عدم الإمكان بوجوه : منها : لزوم التسلسل في مقام الامتثال ، وتقريبه : أن الأمر لا يدعو إلّا إلى متعلقه ، والمفروض أن متعلقه فيما نحن فيه ليس ذات الصلاة ، بل الصلاة بداعي الأمر فيسئل : أن المدعو إليه للأمر هو الصلاة بداعي الأمر المتعلق بأيّ شيء؟ فإن قلت إنه الصلاة بداعي الأمر المتعلق بذات الصلاة ، فهو خلاف الفرض ، وإن قلت إنه الصلاة بداعي الأمر المتعلق بالصلاة بداعي الأمر فهذا الأمر الثاني أيضا يحتاج إلى متعلق يكون مدعوا إليه وهو الصلاة بداعي الأمر أيضا وهلمّ جرّا فيتسلسل.»
أقول : الأولى تقرير التسلسل في طرف الداعي لا المدعو اليه ، فيقال : إن الصلاة بداعي الأمر (التي هي الواجبة حسب الفرض) يؤتى بها بداعي أيّ أمر؟ فان قيل بداعي الأمر بذات الصلاة ، فهو خلاف الفرض ، وإن قيل بداعي الأمر بالصلاة بداعي الأمر ، فيقال : بداعي الأمر
__________________
(١) نهاية الاصول ، ص ١١٧.