وبالجملة بعد ما رخص نفس الشارع للشاك في التكليف لا نسلم إلزام العقلاء على الفحص والتفتيش.
وأما ما ذكره من بنائهم على الفحص في موارد يوجب إهماله الوقوع في مخالفة التكليف كثيرا ، ففيه أنه إن كان المراد أن المكلف يحصل له العلم إجمالا بوقوع نفسه في خلاف الواقع في بعض الموارد ، دار الأمر مدار حصول هذا العلم للمكلف ولا يجوز الحكم بنحو الكلية ونسلّم حينئذ وجوب الفحص او الاحتياط بناء على وجوب الاحتياط في أطراف العلم الإجمالي ولو كانت تدريجية والاحتياط هنا بحكم العقل من جهة أن الاشتغال اليقيني يلزم البراءة اليقينية ، وإن كان المراد حصول العلم الإجمالي بوقوع المخالفة للواقع في بعض الأصول التي تجري في الموضوعات بالنسبة إلى جميع المكلفين لا في الأصول التي يجريها هذا الشخص بنفسه ، ففيه أنه لا يصير مانعا من إجراء كل مكلف أصل البراءة بالنسبة الى نفسه فيما يبتلي به من الموارد.
وقد تلخص مما ذكرنا أن البراءة العقلية لعلها لا تجري قبل الفحص وأما الشرعية فان كان الشك يرتفع بأدنى نظر ، فالظاهر انصراف أدلتها عن مثله وإلّا فعموم قوله : «رفع ما لا يعلمون» محكّم وليس بناء العقلاء مع التوجه إلى ترخيص الشارع على الفحص ، ولكن الأحوط مع ذلك الفحص بالمقدار المتعارف فتدبر.
الفائدة الرابعة :
وجوب الفحص طريقي لا نفسي
ولا يخفى أنّ وجوب الاختبار والفحص على القول به ليس وجوبا نفسيا مولويا بل طريقي مرجعه إلى وجوب الاحتياط ومثله لا يسقط بمجرد عدم إمكان الفحص او لزوم الضرر منه ، بل يتعين حينئذ الاحتياط وعدم إجراء البراءة نظير وجوب الفحص في الشبهات الحكمية. (١)
«وقال المصنّف : في وجوب التصفية ونحوها للاختبار إشكال» (٢)
__________________
(١) كتاب الزكاة ، ج ١ ، ص ٣١٥ الى ٣١٩
(٢) كتاب الزكاة ، ج ١ ، ص ٣١٩.