ذلك الاحتياط والفحص مع أنه لو كان هذا المقدار يمنع من إجراء البراءة قبل الفحص ، لمنع منها بعده إذ العلم الإجمالي لا يجوز معه الرجوع إلى البراءة ولو بعد الفحص». (١)
والإشكال الأخير من الشيخ قوي كما لا يخفى.
نقد كلام صاحب الجواهر في المسألة
هذا ولكن في الجواهر بعد الاعتراف بكون المقام من قبيل الأقل والأكثر الاستقلاليين وجريان البراءة في الزائد المشكوك فيه قال ما حاصله :
«لكن قد يقال : إن أصل البراءة لا يجري في حق الغير المعلوم ثبوته في المال ولا أصل يشخص كونه مقتضى النصاب الأوّل أو الثاني. ودعوى أن المائتين وأربعين نصابان والثمانين ثلاثة وهكذا واضحة الضعف بل الظاهر ان المائتين وأربعين نصابان واحد كالمائتين فحينئذ مع العلم بحصول سبب شركة الفقير ولا أصل يشخّصه لا يجدي أصل براءة ذمة المالك من دفع الزائد بل ما نحن فيه كالمال الذي خلط أجنبي معه مال شخص آخر ويمكن العلم بالمقدار». (٢)
وكأن مراده ـ قدسسره ـ ان مراتب النصب بسيطة وان الترديد بين النصابين كالترديد بين المتباينين وان كانا أقل وأكثر بحسب الصورة نظير الترديد بين القصر والإتمام.
وفيه ان المال كان ماله والفريضة الواجبة المجعولة مرددة بين الأقل والأكثر وليس الأكثر بنحو الارتباط ولذا يفرغ ذمته بإعطاء الأقل بمقداره ولو كان الواجب بحسب الواقع هو الأكثر فإجراء البراءة بالنسبة إلى المقدار المشكوك فيه بلا إشكال.
وكيف كان فمدرك القائل بوجوب التصفية في المسألة الثانية إما العلم الإجمالي بوجوب الزكاة وهو يقتضي اليقين بالفراغ وقد عرفت الجواب عنه وأن العلم ينحل إلى المتيقن والمشكوك فيه وإما السيرة المستمرة على الفحص في أمثال المقام من باب الزكاة والخمس والحج كما عرفت وعرفت ما فيها ، وإما رواية زيد الصائغ وقد مرّت وفيها : قلت : «وإن كنت لا
__________________
(١) فرائد الاصول ، ج ٢ ، ص ٤٤٤ ، طبع جديد.
(٢) الجواهر ، ج ١٥ ، ص ١٩٨.