الفائدة الثالثة :
الاستصحاب في الأحكام الكلية
«محل البحث : حكم بيع الأعيان المتنجّسة. ويبحث فيه عن جريان الاستصحاب في الأحكام الكليّة وعدمه». (١)
أقول : الاستصحاب في أمثال المقام يمكن أن يقرّر بوجهين :
الأوّل : أن يجعل مورده الموضوع الجزئي الخارجي كأن يشار إلى الطين أو الصبغ الخارجي المتنجّس مثلا فيقال : هذا الجسم الخارجي كان جائز البيع قبل تنجّسه فيستصحب فيه ذلك بعد تنجّسه.
الثاني : أن يجعل مورده الموضوع بالنحو العام فيقال : الصبغ المتنجّس كان جائز البيع قبل تنجّسه فيستصحب فيه ذلك بعد تنجّسه.
والمتصدي لإجرائه في الأوّل ، المكلّف الشخصي بعد إفتاء الفقيه به. وفي الثاني الفقيه المفتي.
ولا يخفى أنّ الشبهة في كلا التقريرين ترجع إلى الجهل بالحكم الكلي الشرعي ويكون رفع الشبهة بيد الشارع الأقدس. وكأنّ المورد الثاني تعبير عن قضايا جزئية متكثرة بقضية واحدة كليّة.
ونظير المقام استصحاب نجاسة الماء المتغيّر إذا زال تغيره بنفسه واستصحاب نجاسة الماء المتمّم كرّا ، واستصحاب حرمة وطي الحائض إذا انقطع دمها ولم تغتسل بعد.
واستشكلوا في الاستصحاب في أمثال المقام بعدم بقاء الموضوع وإختلاف القضيّة المتيقّنة والمشكوكة فليس استصحابا ، بل هو من قبيل إسراء الحكم من موضوع إلى موضوع آخر.
وأجيب عنه بأنّ الموضوع في الاستصحاب يؤخذ من العرف لا من العقل الدقي الفلسفي ، والعرف يرى اتّحاد القضيّتين ، ولا سيّما إذا كان مورد الاستصحاب الموضوع الجزئي الخارجي.
هذا كلّه على فرض جريان الاستصحاب في الأحكام الكليّة.
__________________
(١) المكاسب المحرمة ، ج ٢ ، ص ٨٨.