وفي المقام يترتّب على استصحاب عدم المجعول في مرحلة الإنشاء عدم الإلزام والتكليف فعلا ، فتدبّر.
هذا كلّه ما يرتبط بالأمر الأوّل من الأمرين اللذين أشار إليهما في مصباح الفقاهة.
الفائدة الخامسة :
هل يكون الاستصحاب في المقام تعليقيا؟
الأمر الثاني : أنّ محلّ الكلام في المقام هو الجواز الوضعي بمعنى نفوذ البيع وصحّته فيكون الاستصحاب تعليقيّا ولا نقول به.
أقول : قد ذكروا في محلّه أنّ المستصحب إمّا أن يكون أمرا موجودا بالفعل ثمّ شكّ في بقائه كما في العصير الحلال إذا نشّ فشكّ في بقاء حلّيته ، ويسمّى الاستصحاب فيه تنجيزيّا ، ولا إشكال في جريانه بناء على جريانه في الأحكام الكليّة.
وإمّا أن يكون أمرا موجودا على تقدير وجود أمر آخر ، مثل أنّ العنب محكوم بحرمة مائه على تقدير غليانه ثمّ صار زبيبا فشكّ في بقاء هذه الحرمة التقديرية له فهل يجري استصحابها أم لا؟ فيه خلاف بين الأعلام. ويسمّى هذا بالاستصحاب التعليقي.
فقد يقال : إنّه لا يعتبر في الاستصحاب أزيد من التحقّق سابقا والشكّ في البقاء ، ومن المعلوم أن تحقّق كلّ شيء بحسبه ، فالعنب مثلا محكوم بحكمين : أحدهما تنجيزي وهي حلّية مائه فعلا ، والثاني تقديري وهي حرمته على تقدير الغليان ، وهذا الوجود التقديري أيضا أمر متحقّق في نفسه في مقابل عدمه بحيث يعدّ من أحكام الشرع المبين للعنب.
وعلى هذا فكما يجوز أن يستصحب الحكم الأوّل عند الشكّ لا مانع من استصحاب الحكم الثاني أيضا أعني الحرمة على تقدير.
هذا مع قطع النظر عن الإشكال في المثال بما قيل من أنّ العنب والزبيب أمران متغايران فلا بقاء للموضوع حتى بنظر العرف أيضا ، وأنّ الزبيب لا ماء له حتى يغلي إلّا ما دخل فيه من الخارج فيفترق عن ماء العنب الكامن في ذاته.