هل يكون كل شرط موضوعا وكل موضوع شرطا؟
وفي قبال ما ذكر قد يقال : إنّ الظاهر كون القيد المأخوذ في القضيّة راجعا إلى الموضوع ويكون الموضوع مركبا والشرط جزء منه. وقد اشتهر أنّ كلّ شرط موضوع وكلّ موضوع شرط. فقوله : «العنب إذا غلى يحرم» مرجعه إلى قوله : «العنب المغلي يحرم» ، وفعلية الحكم المترتّب على الموضوع المركّب تتوقّف على وجود موضوعه بتمام أجزائه ، إذ نسبة الحكم إلى موضوعه نسبة المعلول إلى علّته ، فالحكم ليس للعنب فقط حتى يستصحب بعد صيرورته زبيبا. ومن أجرى الاستصحاب هنا توهّم رجوع القيد إلى الحكم لا إلى الموضوع وهو عندنا باطل.
وربّما يجاب عن ذلك بأنّ الشرط وإن رجع بالدقة العقليّة إلى الموضوع ويكون الموضوع مركبا لكن العرف يفرّقون بين قوله : «العنب المغليّ يحرم» وبين قوله : «العنب إذا غلى يحرم» ، فيرون الموضوع في الثاني نفس العنب ويحكمون بكونه محكوما بحكمين : أحدهما تنجيزي والآخر تعليقي كما مرّ بيانه. والمرجع في تشخيص الموضوعات وإجراء الاستصحاب فيها العرف لا الدقّة العقليّة.
أقول : البحث في صحّة الاستصحاب التعليقي وعدمها موكول إلى محلّه والذي نريد هنا ذكره بيان أنّ المقام يفترق عن مثال العنب ونحوه الذي علّق فيه الحكم على أمر خارجي كالغليان بحيث لا يتحقّق فيه الحكم إلّا بعد تحقّق هذا الأمر ، إذ البيع في المقام ليس أمرا خارجيّا علّق عليه الحكم بل هو فعل من أفعال المكلّف وممّا يوجده باختياره ليترتّب عليه الآثار ويكون من قبل الشارع محكوما بحكمين : الحليّة التكليفيّة والصحّة وضعا ، فكلاهما حكم شرعي متعلّقان بفعل المكلّف والمكلّف المتشرع لا يوجده إلّا بترقّب صحّته وترتّب آثاره عليه ، فليس حكمه بصحّته متوقّفا على وجوده خارجا بل يكون وزانها وزان الحكم التكليفي بالنسبة إلى متعلّقه.