بل قد مرّ منا (١) أنّ قوله ـ تعالى ـ : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) يراد به الحليّة الوضعيّة ويكون قوله : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) إرشاد إلى صحّتها.
وبالجملة فالبيع من أفعال المكلّف ولا يوجد من قبل المتشرعة إلّا بترقّب ترتّب الآثار عليه ، فما لم يحكم الشرع بصحّته لا يقدم المكلّف على إيجاده. وليس حكم الشرع بصحّته مشروطا بوجوده خارجا ، وليس موضوع الصحّة مركبا من البيع وموضوعه على ما قالوا في العنب من كون موضوع الحرمة مركبا منه ومن الغليان ، بل الصحّة حكم لنفس البيع ، والبيع متعلق لها لا موضوع.
وإن شئت قلت : إنّ البيع وسائر العقود التي يوجدها المكلّف بترقّب ترتّب الآثار ليس وزانها وزان القيود الخارجيّة التي لا ينطبق عليها الأحكام إلّا بعد تحقّقها في الخارج ، وليس وزانها وزان متعلّقات التكاليف أيضا ، ولكنّها بالثانية أشبه لكونه من أفعال المكلّفين.
وكيف كان فليس الاستصحاب في المقام تعليقيّا ، فتأمّل. (٢)
الفائدة السادسة :
جريان الاستصحاب في موضوع الاستحالة وعدمه
«محل البحث : حكم دخان الشيء النجس من جهة الطهارة والنجاسة ، وانّه هل يجوز الاستصباح بالدخان النجس تحت الظّلال؟ وقد تعرض سماحته ـ دام ظلّه ـ في خلاله أقسام الاستحالة وجريان الاستصحاب في موضوع الاستحالة وعدمه.» (٣)
يظهر منهم تسليم عدم الجواز على فرض نجاسة الدخان ، مع أنّه غير واضح لعدم الدليل على حرمة تنجيس سقوف البيوت. نعم ، لا يجوز ذلك في سقوف المساجد.
ودليلهم على الطهارة استحالة الشيء النجس وتبدّله إلى ذات اخرى فلم يبق موضوع النجاسة.
__________________
(١) المكاسب المحرمة ، ج ١ ، ص ٦٠ إلى ٦٨.
(٢) المكاسب المحرمة ، ج ٢ ، ص ٨٨ إلى ٩٩.
(٣) المكاسب المحرمة ، ج ٢ ، ص ٤٢.