وبما ذكرنا يظهر لك أنّ عدّ الاستحالة من المطهرات لا يخلو من مسامحة واضحة ، إذ التطهير إنّما يصدق مع بقاء الموضوع الذي كان نجسا ، وفي الاستحالة لا يبقى الموضوع الأوّل حتى يعرضه الطهارة ، بل ينعدم ويحدث موضوع جديد.
ففي المقام ما كان نجسا هو الدهن ، والمفروض عدم بقائه ، وإنّما يصدق على الباقي عنوان الدخان والبخار ولا دليل على نجاستهما كما هو واضح.
الفائدة السابعة :
هل فرق بين استحالة النجس والمتنجّس؟
نعم هنا إشكال تعرّض له الشيخ (ره) في خاتمة الاستصحاب من الرسائل. ومحصّله بتوضيح منا :
«الفرق بين استحالة النجس الذاتي والمتنجّس فيحكم بالطهارة في الأوّل دون الثاني ، إذ الموضوع للنجاسة الذاتيّة الصورة النوعيّة ، من العذرة والبول والدم وأمثالها ، فإذا ارتفعت بالاستحالة ارتفع حكمها قهرا ، وأمّا في المتنجّسات فالنجاسة تعرض للصورة الجنسيّة أعني الجسم لا النوعيّة من الخشب ونحوه فالخشب مثلا بملاقاته للنجاسة ينجس بما أنّه جسم لاقى نجسا لا بما أنّه خشب إذ لا خصوصيّة لعنوان الخشبيّة في قبوله النجاسة ، فإذا استحال الخشب رمادا فالصورة النوعيّة وإن ارتفعت لكنّ النجاسة لم تعرض له بما أنّه خشب بل بما أنّه جسم لاقى نجسا ، وهو بعد باق بحاله فلا مجال للقول بطهارته.» (١)
وأجاب الشيخ عن هذا الإشكال بما هذه لفظه :
«إنّ دقيق النظر يقتضي خلافه ، إذ لم يعلم أنّ النجاسة في المتنجّسات محمولة على الصورة الجنسيّة وهي الجسم وإن اشتهر في الفتاوى ومعاقد الإجماعات أنّ كلّ جسم لاقى نجسا مع رطوبة أحدهما فهو نجس إلّا أنّه لا يخفى على المتأمّل أنّ التعبير بالجسم لبيان عموم الحكم لجميع الأجسام الملاقية من حيث سببيّة الملاقاة للنجس لا لبيان إناطة الحكم بالجسميّة.
__________________
(١) فرائد الأصول ، ص ٤٠٠ (ط. اخرى ، ج ٢ ، ص ٦٩٤) ، خاتمة ، شروط جريان الاستصحاب.