بتكليفين وان كانا متعلقين بفردين من طبيعة واحدة. غاية الأمر إنه لمّا كانت القدرة من الشرائط العقلية لفعلية التكاليف ، كان التكليف الأوّلي بالنسبة إلى المضطر في زمن اضطراره غير فعلي ، فاذا ارتفع الاضطرار ارتفع مانع الفعلية فأثّر التكليف الأوّلي أثره. (١)
موارد إجزاء امتثال الأمر الاضطراري
«بعد قبول أن للمكلف المضطر امرين وأن امتثال الأمر الاضطراري يجزي عن الأمر الواقعي ففي ما إذا لم يكن إطلاق فما هو التكليف؟
... فما ذكره (صاحب الكفاية) اخيرا ـ من أنه إذا لم يكن هناك إطلاق يدل على أن الموضوع للأمر الاضطراري هو مطلق الاضطرار ولو في بعض الوقت فالمرجع هو البراءة ـ فاسد جدا إذ المكلف قد علم باشتغال ذمته بالأمر الواقعي ... وهذا يقتضي تحصيل البراءة اليقينية فكيف حكم قدسسره بأصالة البراءة؟»
أقول : يمكن أن يقال : إن مراده قدسسره من الإطلاق ليس هو إطلاق الاضطرار ، كما في كلام سيدنا الأستاذ العلامة ـ مد ظلّه العالي ـ بل المراد إطلاق البدلية فيكون حاصل مراده أن المكلف لمّا لم يقدر على امتثال التكاليف الأوّلية جعل الشارع التكاليف الاضطرارية أبدالا لها ، فحين الاضطرار لا تكون التكاليف الأوّلية فعلية ، بل الفعلية لأبدالها. وحينئذ فلو كان لنا إطلاق يدل على أن ما جعله الشارع بدلا ، بدل إلى الأبد ، أخذنا بالإطلاق وحكمنا بالإجزاء عن التكليف الأوّلي ، لكفاية البدل عن المبدل منه ، ولو لم يكن هناك إطلاق ، فشككنا في أن بدلية الفرد الاضطراري عن الأوّلي هل هي إلى الأبد حتى مع ارتفاع الاضطرار ، أو كانت بدليته منه في زمن الاضطرار فقط بأن يكون وافيا بما يفوت من مصلحة الفرد الأوّلي في زمن الاضطرار من دون أن يكون وافيا بما يمكن تحصيله بعد ارتفاع الاضطرار بالإعادة او القضاء ، فحينئذ نحكم بالبراءة ، إذ التكليف الأوّلي لم يكن في زمن الاضطرار فعليا ، وبعد ارتفاعه
__________________
(١) نهاية الاصول ، ص ١٢٩.