ومن ذلك سير الحاجّ وتجارة التاجر وفعل ما يغتاب الشخص على فعله. نعم ربّما يحرم لا بعنوان الإعانة ومن ذلك القيادة. (١)»
أقول : لا يخفى أنّ العناوين القصدية عبارة عن العناوين الاعتبارية التي لا واقعية لها وراء الاعتبار ، وإنّما تنتزع عن الأفعال والأمور الواقعية بالقصد والاعتبار ، فيكون تقوّمها بقصدها ، نظير عنوان التعظيم المنتزع عن الانحناء الخاصّ بقصده ، ومن هذا القبيل الملكية والزوجية والحريّة والعبودية ونحوها من العناوين التي تحصل بالعقود والإيقاعات ، وكذلك عناوين العبادات المخترعة من الصلاة والزكاة ونحوهما.
والظاهر أنّ الإعانة ـ كما ذكروه ـ ليست من العناوين الاعتبارية بل من العناوين الواقعية غير المتقومة بالقصد وإن كان تنجز التكليف المتعلق بها متوقفا على العلم والقصد كما في سائر موارد التكليف.
اللهم إلا أن يقال : إنّ عدم كون الإعانة من العناوين القصدية ، بمعني عدم توقف صدقها على قصد عنوانها ، لا ينافي توقف صدقها على فعل خاصّ بلحاظ غاية خاصّة على قصد هذه الغاية الخاصّة ، إذ العرف يفرّق بين قصد الغاية الخاصّة وعدم قصدها ، كما يفرّق بين العلم بترتبها وعدم العلم به ، فتدبّر.
وأمّا ما ذكره من عدم صدق الإعانة على إيجاد ذات الفاعل وتوليده فالظاهر صحته أيضا وإلّا لكان خلق الله ـ تعالى ـ لأفراد الإنسان وإبقاؤه لهم ورزقهم إعانة منه على الكفر والفسوق والعصيان.
والسرّ في ذلك أنّ الإعانة ـ كما مرّ ـ عبارة عن إيجاد مقدمة من مقدمات فعل الغير أعني المعان ، فهي من العناوين الإضافية المتقوّمة بوجود المعين والمعان ، فما لم يوجد ذات المعان لا مجال لتحقق الإعانة وصدقها.
وأما ما ذكره (ره) من اختصاص الإعانة بالإتيان بالمقدمات الفاعلية دون الماديّة فلم يظهر لي مراده ولا وجهه ، إذ تهيئة موضوع فعل الغير إذا لم يكن إعانة فكيف حكم بحرمة بيع العنب لمن يعلم أنّه يجعله خمرا لأجل ذلك؟ وهل هذا إلّا تهيئة موضوع فعل الغير من دون أن
__________________
(١) حاشية المكاسب ، ص ١٥ ، ذيل قول المصنّف : فقد يستدلّ على حرمة البيع ....