«الذي يوافقه الاعتبار ويساعد عليه الاستعمال هو تقييد مفهوم الإعانة بحسب الوضع بوقوع المعان عليه في الخارج ومنع صدقها بدونه ، ومن هنا لو أراد شخص قتل غيره بزعم أنّه مصون الدّم وهيّأ له ثالث جميع مقدّمات الفعل ثم أعرض عنه مريد القتل أو قتله ثم بان أنّه مهدور الدم فإنّه لا يقال : إنّ الثالث أعان على الإثم بتهيئة مقدمات الفعل. كما لا تصدق الإعانة على التقوى إذا لم يتحقق المعان عليه في الخارج ، كما إذا رأى شبحا يغرق فتوهم أنّه شخص مؤمن فأنقذه إعانة منه له على التقوى فبان أنّه خشبة ...» (١)
بيان الأستاذ الإمام في أنه هل يشترط في صدق الإعانة ترتب المعان عليه أم لا؟
وللأستاذ الإمام (ره) في هذا المجال كلام طويل لا يخلو من فائدة ، فلنتعرض له بتلخيص :
قال : «أمّا الأوّل (وقوع الإثم في الخارج) فقد يقال باعتباره ، لأنّ الظاهر من قوله : (لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ) أي على تحققه ، وهو لا يصدق إلّا معه ، فإذا لم يتحقق خارجا وأوجد شخص بعض مقدمات عمله لا يقال : إنّه أعانه على إثمه ، لعدم صدوره منه.
وبالجملة الإعانة على الإثم موقوفة على تحققه وإلّا يكون من توهّم الإعانة عليه لأنفسها ويكون تجرّيا لا إثما ، ولهذا لو علم بعدم تحققه منه لا يكون إيجاد المقدمة إعانة على الإثم بلا شبهة.
ولكن يمكن أن يقال : المفهوم العرفي من الإعانه على الإثم هو إيجاد مقدمة إيجاد الإثم وإن لم يوجد ، فمن أعطى سلّما لسارق بقصد توصّله إلى السرقة فقد أعانه على إيجادها ، فلو حيل بينه وبين سرقته ولم تقع منه يصدق أنّ المعطي للسلم إعانة على إيجاد سرقته.
فلو كان تحقق السرقة دخيلا في الصدق فلا بدّ أن يقال : إنّ المعتبر في صدقها إيجاد المقدمة الموصلة ، أو الالتزام بأنّ وجود السرقة من قبيل الشرط
__________________
(١) نفس المصدر ، ج ١ ، ص ١٧٨.