وعلى الثاني : أنّ ظاهر مادّة العون عرفا وبنصّ اللغويين : المساعدة على أمر ، والمعين هو الظهير ، وإنّما يصدق ذلك فيما إذا كان أحد أصيلا في أمر وأعانه عليه غيره ، فيكون معنى الآية : لا يكن بعضكم لبعض ظهيرا ومعاونا.
ومعنى تعاون المسلمين : أنّ كلا منهم يكون معينا لغيره لا أنّهم مجتمعون على أمر. ففي القاموس : «تعاونوا واعتونوا : أعان بعضهم بعضا.» ونحوه في المنجد. وكون التعاون فعل الاثنين لا يوجب خروج مادّته عن معناها.
فمعنى تعاون زيد وعمرو : أنّ كلّا منهما معين للآخر وظهير له. فإذا هيّأ كلّ منهما مقدمات عمل الآخر يصدق أنّهما تعاونا. وبالجملة كون التفاعل بين الاثنين لا يلازم كونهما شريكا في إيجاد فعل شخصي. فالتعاون كالتكاذب والتراحم والتضامن مما هي فعل الاثنين من غير اشتراكهما في فعل شخصي.
فالظاهر من الآية عدم جواز إعانة بعضهم بعضا في إثمه وعدوانه. وهو ظاهر المادّة والهيئة. ولو قلنا بصدق التعاون والتعاضد على الاشتراك في عمل فلا شبهة في عدم اختصاصه به.» (١)
نقد كلام الأستاذ الإمام في المقام
أقول : قد مرّ من المصنّف في المسألة الأولى من مسائل بيع العنب ـ أعني بيعه على أن يعمل خمرا ـ الاستدلال بكونه إعانة على الإثم ، ومرّ منّا نقل مناقشتي المحقق الإيرواني وإيراد الأستاذ الإمام (ره) عليهما وقلنا هناك : إنّ ظاهر العبارة الأخيرة من الأستاذ (ره) يشعر بنحو ترديد له في صدق مفهوم التعاون على الاشتراك في عمل واحد كرفع ثلاثة رجال لحجر واحد ، مع أنّه القدر المتيقّن منه بلحاظ الهيئة ، إذ الظاهر من اللفظ دخلهم في العمل في عرض واحد ، وهو المتبادر من عبارة القاموس أيضا. وأمّا إعانة أحد لآخر في عمل وإعانة الآخر له في عمل آخر فإطلاق التعاون عليه لا يخلو من مسامحة. وإن شئت قلت : إنّ المتبادر من تعاون
__________________
(١) المكاسب المحرّمة للإمام الخميني ، ج ١ ، ص ١٣١ (ـ ط. اخرى ، ج ١ ، ص ١٩٧) ، في النوع الثاني من القسم الثاني.