فاحشروهم معهم» (١) إلى غير ذلك من الأخبار ، فراجع.
هذا كلّه بلحاظ الكتاب والسنة ، وسيأتي الاستدلال بحكم العقل في هذا المجال.
٢ ـ حكم العقل بحرمة الإعانة على الإثم
الثانية من القواعد العامّة التي أستدل بها للمقام وأمثاله حكم العقل بحرمة إعانة الغير على معصية المولى وإتيان مبغوضه.
وقد أوضح ذلك الأستاذ الامام (ره) وملخّصه :
«أنّه كما أنّ إتيان المنكر قبيح عقلا وكذا الأمر به والإغراء نحوه فكذلك تهيئة أسبابه وإعانة فاعله قبيح عقلا موجب لاستحقاق العقوبة. ولهذا كانت القوانين العرفية متكفّلة لجعل الجزاء على معين الجرم. فلو أعان أحد السّارق على سرقته وساعده في مقدماتها يكون مجرما في نظر العقل والعقلاء وفي القوانين الجزائية. وقد ورد نظيره في الشرع فيما لو أمسك أحد شخصا وقتله الآخر ونظر لهما ثالث : أنّ على القاتل القود ، وعلى الممسك الحبس حتى يموت ، وعلى الناظر تسميل عينيه.
ولا ينافي ذلك ما حرّرناه في الأصول من عدم حرمة مقدّمات الحرام ، لأنّ ما ذكرناه هناك هو إنكار الملازمة بين حرمة الشيء وحرمة مقدماته ، وما أثبتناه هنا هو إدراك العقل قبح العون على المعصية والإثم ، لا لحرمة المقدّمة بل لاستقلال العقل بقبح الإعانة على الحرام الصادر عن الغير ، وهذا عنوان لا يصدق على إتيان الفاعل لمقدمات فعله.
وبالجملة العقل يرى فرقا بين الآتي بالجرم وبمقدماته وبين المساعد له في الجرم ولو بتهيئة أسبابه ومقدماته ، فلا يكون الأوّل مجرما في إتيان المقدمات زائدا على إتيان الجرم ، وأمّا الثاني فيكون مجرما في تهيئة المقدمات ، فيكون في نظر العقل المساعد له كالشريك له في الجرم وإن تفاوتا في القبح.
__________________
(١) نفس المصدر ، ج ١٢ ، ص ١٣٠ ، والباب ، الحديث ١١.