والظاهر عدم الفرق في القبح بين ما إذا كان بداعي توصّل الغير إلى الجرم وغيره ، فإذا علم أنّ السّارق يريد السرقة ويريد ابتياع السّلّم لذلك يكون تسليم السّلّم إليه قبيحا وإن لم يكن التسليم لذلك ، وإن كان الأوّل أقبح. كما لا فرق في نظر العقل بين الإرادة الفعلية والعلم بتجدّدها لا سيّما إذا كان التسليم موجبا لتجدّدها. كما لا فرق بين وجود بائع آخر وعدمه وإن تفاوتت الموارد في القبح.
ثمّ إنّ حكم العقل ثابت في تلك الموارد وإن لم يصدق على بعضها عنوان الإعانة على الإثم والتعاون ونحو ذلك. ولعلّ ما ورد من النهي عن التعاون على الإثم والعدوان أو معونة الظالمين أو لعن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الخمر غارسها وحارسها و ... ، وكذا ما وردت من حرمة بيع المغنّيات وإجارة المساكن لبيع بعض المحرمات كلّها لذلك أو لنكتته.
ثمّ إنّه بعد إدراك العقل قبح ذلك لا يمكن تخصيص حكمه في مورد كما لا يمكن تجويز المعصية.» (١)
تأييد كلام الأستاذ الإمام في المقام :
أقول : الإنصاف أنّ ما ذكره من الاستدلال بحكم العقل والعقلاء قوي جدّا ، والأحكام العقلية ـ كما ذكر ـ لا تقبل الاستثناء وتجري على الله ـ تعالى ـ أيضا ، وعلى هذا فيشكل القول بالحرمة في كلّي المسألة واستثناء خصوص بيع العنب أو التمر للتخمير والخشب لصنع البرابط بمقتضى النصوص الواردة.
وقال الأستاذ (ره) في مورد آخر ما ملخّصه :
«ولا يصحّ القول بتقييد الآية والسنّة ، لإباء العقول عن ذلك ، فإنّ الالتزام بحرمة التعاون على كل إثم إلّا بيع التمر والعنب للتخمير بأن يقال : إنّ الإعانة على غرسها وحرسها وحملها وغير ذلك محرّمة سوى خصوص الاشتراء ، أو
__________________
(١) المكاسب المحرمة للإمام الخميني (ره) ج ١ ، ص ١٢٩ (ـ ط. اخرى ، ج ١ ، ص ١٩٤) ، في النوع الثاني من القسم الثاني.