طهارته ، وفي الأصل السببي والمسببي يعتبر ترتب الأثرين لا الشكين فقط ، فإنّ تقدم الأصل السببي على المسببي إنما يكون من جهة أن جريانه في السبب يوجب تحقق ما هو الموضوع للأثر في طرف المسبب ، فيعتبر في ذلك كون المستصحب مثلا في طرف المسبب من الأحكام الشرعية للمستصحب في طرف السبب ، كما إذا غسل المتنجس بالماء المستصحب الطهارة ، فإنّ هذا الاستصحاب يرفع الشك عن ناحية المسبب قهرا. (١)
نقد كلام صاحب الكفاية في الفرق بين الأمارات والأصول في الإجزاء
«... وبالجملة : الفرق بين الأمارة والأصل [بالقول بالإجزاء في الثاني دون الأوّل] بكون الأولى بلسان الحكاية دون الثاني ، إنما يصح إذا كان النظر إلى نفس مؤدّى الأمارة التي هي أمر تكويني ، وأما إذا كان النظر إلى دليل حجيتها فلا فرق بينهما ؛ لظهور دليل كلّ منهما في الإجزاء ورفع اليد عن الواقع.»
أقول : لا يخفى أن ما ذكره سيدنا الأستاذ العلامة ـ مد ظلّه العالي ـ من ثبوت الإجزاء في الأمارات يتوقف على ثبوت جعل في الأمارات ، حتى يقال بكون أدلة حجيتها ناظرة إلى الأدلّة الواقعية الواردة في تحديد الأجزاء والشرائط والموانع وموجبة لتوسعة المأمور به ، مع أنه ـ مد ظلّه ـ أيضا ينكر ثبوت الجعل في الأمارات الّا بنحو الإمضاء ، وليس معنى الإمضاء أن يقول الشارع «أمضيت» مثلا ؛ فإن هذا مقطوع العدم ، بل معناه عمل العقلاء بها واعتمادهم عليها في مقام إثبات الواقعيات ، أو مقام الاحتجاج واللجاج بمرأى الشارع ومسمعه من دون أن يردع عنها ، بل هو أيضا كأحدهم في ذلك وكذا في غيرها من العاديات ، ما لم يترتب عليها مفسدة. ولا ريب أن العقلاء لا يرون العمل بالكاشف أو الحجة مجزيا عن الواقع ، ولو في صورة انكشاف الخلاف ، بل يرون أنفسهم موظفين بتأدية الواقع ، فإثبات الإجزاء في باب الأمارات مشكل ، والسر في ذلك عدم كون دليل حجيتها ذا لسان.
نعم ربما يقرب الحكومة في المقام وفي باب حكومة أدلة الأمارات على الأصول بأن دليل
__________________
(١) نهاية الاصول ، ص ١٤٢.