نقد كلام الأستاذ الإمام (ره)
وأما ما ذكره الأستاذ (ره) من أنّ العقل كما يحكم بوجوب المنع عن تحقق ما هو مبغوض المولى بنحو الإطلاق يحكم أيضا بوجوب المنع عن تحقق ما هو مبغوض الصدور عن المكلّفين ، فيمكن أن يناقش فيه بالفرق بينهما بما أشرنا إليه آنفا من أنّ الغرض من خلق الإنسان من نطفة أمشاج وإيداء قوى مختلفة فيه : رحمانية وشيطانية ، وجعله ذا إرادة واختيار هو ابتلاؤه واختباره ليميز الله الخبيث من الطيب ويظهر بذلك قداسة أهل الطاعة وخباثة أهل الطغيان.
وعلى هذا فاللازم أن توجد له أرضية السعادة والشقاوة كليهما وأن يخلّي هو وطبعه المختار ، وليس وزانه وزان السبع الذي يريد افتراس ابن المولى مثلا ـ وهو غير مكلّف ـ حيث يجب منعه بأيّ نحو كان.
نعم لو كان المنكر من الأمور المهمة التي علم إرادة الشارع منع تحققه في الخارج من غير نظر إلى من يصدر عنه مثل قتل النفوس مثلا حكم العقل حينئذ بوجوب رفعه ودفعه كيف ما كان ، ولكن لا من باب النهي عن المنكر بل لكون الوجود مبغوضا لله ـ تعالى ـ وإن صدر عن غير المكلف. هذا ، ولكن لا يجب دفع ذلك أيضا من قبل الله ـ تعالى ـ تكوينا ومباشرة ، إذ مباشرته بذلك توجب الإلجاء وسلب الاختيار عن الفاعل المختار ، وهذا خلاف مصلحة نظام الاختيار والاختبار.
احتمال القول بالتفصيل في المسألة
وإذا وصل الكلام إلى هذا المقام فلأحد أن يفصّل ويقول ـ كما مرّ ـ إن كان المنهي عنه من الأمور المهمة التي لا يرضى الشارع بوقوعها كيف ما كان ، كتقوية الشرك وقتل النفوس وتقوية الظالمين ، حرمت الإعانة عليها بأيّ نحو كان.
وأمّا إذا لم يكن كذلك فلا بأس بإيجاد بعض المقدمات البعيدة لها إذا لم يكن عن قصد ولم