يسلب اختيار الفاعل ولم تعدّ الفائدة المترتبة عليها منحصرة في الحرام عرفا كمثال إعطاء العصا للظالم ، ولم تكن المقدمة منحصرة أيضا بنحو يعدّ إيجادها سببا لوقوع المعصية لا محالة بل عدّ وقوعها مستندا إلى المباشر فقط ، وذلك كبيع العنب ممن يعلم أنّه يجعله خمرا والخشب ممن يعلم أنّه يتخذه برابط مع عدم الانحصار ، كما دلّت على جواز ذلك الأخبار الصحيحة ـ كما مرّت ـ وقد عرفت أنّ الغالب في مواردها عدم الانحصار فليحمل إطلاقها عليه.
وقد دلّ على هذا التفصيل مكاتبة ابن إذنية السابقة ، (١) حيث فصّل فيها بين بيع الخشب ممن يتخذه برابط وبيعه ممن يتخذه صلبانا.
وقد علّل في صحيحة الحلبي السابقة عدم البأس بقوله عليهالسلام :
«تبيعه حلالا فيجعله حراما فأبعده الله وأسحقه.» (٢) فيظهر منه أنّ ملاك عدم البأس استناد الحرام إلى المشتري دون البائع.
وعلى هذا فطرح النصوص الكثيرة الدالّة على الجواز ـ مع صحّة كثير منها ـ بسبب ما سمعته من التشكيك في كلمات الأعلام اجتهاد في قبال النصّ ، وسهولة الشريعة وسماحتها تقتضي جواز الأخذ بها.
وغاية ما يمكن أن يقال : إنّ البائع يجب عليه نهي المشتري عما يقصده ، لا تركه لبيع ما هو محلّل بطبعه ولا ينحصر فائدته في الحرام ، ولا تعجيز المشتري بعد كون المشتري مختارا والدار دار الاختيار والاختبار لا دار الإلجاء والتعجيز كما مرّ ، فتأمّل.
ما يشهد لقاعدة وجوب دفع المنكر
«ويشهد بهذا ما ورد من أنّه لو لا أنّ بني أميّة وجدوا من يجبي لهم الصدقات ويشهد جماعتهم ما سلبوا حقّنا.
دلّ على مذمّة الناس في فعل ما لو تركوه لم يتحقق المعصية من
__________________
(١) الوسائل ، ج ١٢ ، ص ١٢٧ ، الباب ٤١ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ١.
(٢) نفس المصدر ، ج ١٢ ، ص ١٦٩ ، الباب ٥٩ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٤.