حجيتها (من السيرة وبناء العقلاء) وإن لم يكن ذا لسان ، لكنه يكون بحيث لو صيغ في قالب اللفظ كان لفظه شارحا ومفسرا ، ويكفي مثل ذلك في الحكومة ، ففي باب حجية الخبر وإن كان عمدة دليلها السيرة الممضاة بعدم الردع ، ولكن لو جعل ذلك في قالب اللفظ كان لفظه عبارة عن مثل (ألق احتمال الخلاف) ، فإن نظر العقلاء بها في الاعتماد عليها ، بحيث يلقون بقيامها احتمال الخلاف ويرون الواقع منكشفا بها ، ولأجل هذا تقدم على الأصول ويقال : إنه من باب الحكومة ، وهذا اللسان أيضا حاكم على أدلة الأجزاء والشرائط والموانع ، فيترتب عليه الإجزاء. (١)
إشكال آخر في الإجزاء ونقده
«أما الإشكال فهو أن حكومة الأحكام الظاهرية على الأحكام الواقعية حكومة ظاهرية يترتب عليها جواز ترتيب آثار الواقع في زمن الشك ما لم ينكشف الخلاف ، ولا يعقل كونها حكومة واقعية موجبة لتعميم الواقع أو تضييقه حقيقة ... ، وأما الجواب فهو أن الخطاب الواقعي وإن كان مطلقا غير مقيد بالعلم والجهل ومقتضاه بطلان العمل الفاقد بحسب الواقع للشرط والجزء ، ولكن بعد ورود دليل حجية الاصول يجب رفع اليد عن إطلاق الحكم الواقعي والحكم بسقوط الشرط والجزء عن الشرطية والجزئية في صورة الجهل والشك. ولا يمكن ان يكون جعل الحكم الظاهري لغرض المعذرية فقط ، إذ بعد انكشاف الخلاف في الوقت وإمكان إتيان المكلف بالعمل مطابقا للواقع لا وجه للمعذرية ...
... وبالجملة : اثر الحكم الظاهري وإن كان في سائر المقامات عبارة عن تنجيز الواقع في صورة الموافقة ؛ وكونه معذرا بالنسبة إليه في صورة المخالفة ؛ ولكن هذا فيما إذا لم يكن الواقع منجزا لو لا الجعل الظاهري ، وأما في هذه الصورة فأثر الجعل الظاهري توسعة المأمور به وإسقاط
__________________
(١) نهاية الاصول ، ص ١٤٤.