الموارد التي تعارف فيها القبض بالسوم قبل الشراء ، وفي الأعيان التي تكون بأيدي الدلالين إذا علم حدوث أيديهم بالوكالة ثم جهل الحال بعد ذلك» (١).
أقول : لعلّ المحقق النائيني أيضا لا يقول بكون الموضوع للحجية اليد التي ليست يد أمانة وعدوان حتى يرد عليه ما ذكر ، بل يريد أن موضوع الحجية اليد التي لم يحرز حالها. والمسبوقة بالأمانة والعدوان يحرز حالها بالاستصحاب ، فتخرج عن موضوع الحجية. ولعلّ ما استدركه المستمسك أخيرا بقوله : «نعم» ، أيضا يراد به هذا. إذ عدم حكم العقلاء بالحجية في اليد المسبوقة لا يكون إلّا بلحاظ الحالة السابقة ولا معنى للاستصحاب إلّا ذلك.
نقد ما في المستمسك
ولكن يرد على ذلك أولا : انه لم يؤخذ الجهل وعدم الإحراز قيدا في موضوع الحجية العقلائية. فإن قاعدة اليد من الأمارات ، وليس الشك وعدم الإحراز مأخوذا في موضوع الأمارات وإن كان موردها ذلك. نعم ، موضوع الأصول العملية هو الشك ، كما لا يخفى.
وثانيا : ان الاستصحاب حكم شرعي تعبّدي ، وليس حكم العقلاء معلقا على عدم جريان الحكم الشرعي.
وقال السيد الأستاذ الإمام ـ مد ظلّه ـ في جواب المحقق النائيني ما حاصله :
«أنّ تحكيم الاستصحاب على بعض الأدلّة بتنقيح أو رفع إنّما هو في الأدلّة اللفظية ، لا في مثل بناء العقلاء ، فإنّه إن ثبت بناؤهم في مورد مسبوقية اليد بالإجارة ونحوها فلا تأثير للاستصحاب. وإن لم يثبت سقطت عن الحجية ، كان هنا استصحاب شرعي أولا. وتعليق بنائهم على عدم قيام حجة شرعية كما ترى» (٢).
والأولى أن يقال : إنّ اليد أمارة عقلائية أمضاها الشارع. وقوله عليهالسلام : «من استولى على شيء منه فهو له» ، أيضا ليس إلّا إرشادا إلى ذلك. ومبنى حكم العقلاء غلبة كون اليد والاستيلاء الكامل بنحو الملكيّة ، وحيث انّ هذه الغلبة لا توجد في اليد المسبوقة بالأمانة أو
__________________
(١) المستمسك ، ج ٩ ، ص ١٧١.
(٢) الرسائل ، ج ١ ، ص ٢٨٢.