الشرطية الواقعية وجعل فرد طولي لما هو المأمور به ؛ ولازم ذلك حمل الواقع على الإنشائية المحضة. وبهذا البيان يظهر أن كيفية الجمع بين الحكمين في المقام تخالف كيفيته في سائر المقامات.»
أقول : لا يخفى أن المعذرية ليست أثرا للحكم الظاهري بنحو يكون جعله بلحاظها ، إذ في موارد الجهل بالواقع وعدم تمامية الحجة عليه تكون المعذورية مستندة إلى عدم انكشاف الواقع وعدم تمامية الحجة بالنسبة إليه ، لا إلى انكشاف الخلاف وقيام الحجة على خلاف الواقع ، فلو فرض عدم قيامه الحجة على الخلاف أيضا كان المكلف معذورا لأجل الجهل بالواقع ، وفي موارد انكشاف الواقع وتمامية الحجة بالنسبة إليه كما في ما نحن فيه وإن كان جعل الحكم الظاهري المؤدّي إلى خلاف ما قامت عليه الحجة معذرا للعبد ؛ ولكن لا مجال لجعله بلحاظ هذا الأثر ، لاستلزام ذلك تفويت الغرض والواقع بلا جهة ملزمة ، هذا.
ولكن جعل الحكم الظاهري في القسم الثاني بعد تحقق المصحح لجعله «من التسهيل ونحوه» يترتب عليه المعذرية أيضا ؛ وهذا بخلاف جعله في القسم الأوّل ، أعني صورة عدم تمامية الحجة بالنسبة إلى الواقع. فما ذكره سيدنا الأستاذ الأكبر ـ مد ظلّه العالي ـ من عدم كون المعذرية أثرا للحكم الظاهري «في هذا القسم» لعله أراد بذلك عدم كونها أثرا مصححا لجعله وهو كذلك ؛ إلّا أنه يمكن أن يورد عليه أن المعذرية ليست أثرا مصححا في سائر الموارد أيضا ؛ بل ليست أثرا للحكم الظاهري أصلا كما عرفت. (١)
الفائدة الثامنة :
الترتب في الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري
«نقل كلام المحقق الشيرازي في الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري بنحو الترتب ونقده ، وأن ما يجري في الضدين لا يجري هنا.
... هذا كله في ما يتعلق بالضدين ، وأما ما نحن فيه ، فلا يجري فيه هذا البيان ، إذ الفعل المحرم واقعا إذا قامت الأمارة على وجوبه ـ مثلا ـ يلزم بناء
__________________
(١) نهاية الأصول ، ص ١٤٧.