ولكن لا أظنّ كون الاعتذارين مبرّرين لترك عنوان المسألة في باب الصوم من الفقه ، فتدبّر.
الفائدة الثانية :
الاستدلال لنفوذ حكم الحاكم في الهلال ونقده
وكيف كان فهل ينفذ حكم الحاكم في الهلال أم لا؟ ذكروا في المسألة أقوالا ثالثها التفصيل بين ما إذا استند إلى البيّنة ، وبين ما إذا استند إلى رؤية الحاكم وعلمه كما مرّ من المدارك.
واستدلّ القائل بعدم الحجّية كما في المستند (١) بالأصل ، وبالأخبار الكثيرة المعلّقة للصوم والفطر على الرؤية أو الشاهدين أو مضى ثلاثين الظاهرة في الحصر ، وبالأخبار الناهية عن إتباع الشكّ والظنّ في أمر الهلال ، ومعلوم أنّ حكم الحاكم لا يفيد أزيد من الظن.
ويرد على ما ذكر أنّ الأصل لا يقاوم الدليل إن ثبت. وظهور الأخبار في الحصر ممنوع ، ومفهومها من قبيل مفهوم اللقب ، والحصر الظاهر في قول الصادق عليهالسلام : «إنّ عليا كان يقول :
لا أجيز في الهلال إلّا شهادة رجلين عدلين» (٢) ، حصر إضافي في قبال شهادة النساء وشهادة العدل الواحد ، كما هو واضح.
ومع قيام الدليل على اعتبار الحكم صارت حجيّته قطعيّة كسائر الأمارات المعتبرة ، فلا يشمله ما دلّ على النهي عن إتباع الظن.
ولعلّ عدم تعرّض الأخبار هنا له لكونه في طول سائر الأمارات ومستندا إليها.
فالعمدة إقامة الدليل على اعتبار الحكم في المقام وأمثاله.
واستدلّ القائل بالحجيّة بإطلاق الأخبار الدّالة على وجوب الرجوع إلى الفقهاء المستند فقههم إلى أحاديث أهل البيت وقبول حكمهم ، كقول الصادق عليهالسلام على ما في المقبولة : «فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنّما استخفّ بحكم الله وعلينا ردّ ، والرادّ علينا الرادّ على الله.» (٣)
__________________
(١) مستند الشيعة ، ج ٢ ، ص ١٣٢.
(٢) الوسائل ، ج ٧ ، ص ٢٠٧ ، الباب ١١ من أبواب أحكام شهر رمضان ، الحديث ١.
(٣) الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٩٩ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١.