إمكان الشرط المتقدم أو المتأخر وقياسه مع العلة الغائية التي كانت متأخرة عن معلولها
«... فان قلت : ليست العلة الغائية بوجودها الخارجي علة ، بل بوجودها العلمي ، ولذا لو تخيّل أحد ترتب غاية على فعله لأثّر هذا الخيال في صدور الفعل عنه وإن انكشف بعد حصوله أن الغاية المتخيلة لا تترتب عليه.
قلت : ليس العلم بالغاية بما هو علم بها مؤثرا في وجود الفعل ، بل بما هو طريق اليها ومرآة لها ...»
يمكن أن يقال : إن العلم قد يكون تمام الموضوع لشيء او لحكم ، ولكن لا بما أنه صفة لذات العالم في قبال سائر الصفات النفسانية ، بل بما أنه طريق إلى الواقع. مثال ذلك أن العلم بوجود السبع تمام الموضوع للخوف والوحشة ، فإنه يؤثر في الخوف وإن كان الواقع عدم وجود السبع ، ولكن تأثير هذا العلم في نفس الخائف ليس بما أنه علم وصفة كمال من صفات النفس ، بل بما أنه مرآة للواقع وهو وجود السبع.
وعلى هذا فيمكن القول بأن العلم في العلة الغائية أيضا من هذا القبيل لكفايته في وجود المعلول ، وإن ظهر بعد ذلك عدم ترتبها على الفعل. (١)
تصوير الشرط المتقدم للتكليف
«محل البحث : تصوير إمكان الشرط المتقدم للتكليف على فرض تسليم لزوم تقارن الشرط مع المشروط ... فالحق في كلّ ما توهم شرطيّتها للتكليف أنها ليست بشرائط وجوده ، بل إنها من قيود الموضوع في قضية من احكام العقل ، يكون موضوعها التكليف ، ومحمولها الإمكان ، بمعنى أن العقل يحكم بأن التكليف الصادر عن المولى متعلقا بالمكلف المميز القادر ممكن ، وغير هذا القسم من التكليف غير ممكن ، فالقدرة والتميز ليسا من شرائط وجود التكليف ، بل من شرائط إمكانه الذي هو من الاعتبارات العقلية»
__________________
(١) نهاية الاصول ، ص ١٦٤.